للفم مرضاة للرب عزّ وجلّ، ويقال إن الصلاة بعد السواك تفضل على الصلاة بغير سواك سبعين ضعفاً وأوكد ما استعمل فيه السواك أربعة أوقات قبل الزوال للصائم ويوم الجمعة مع الغسل لها وفي قيام الليل وبالغداة عند الاستيقاظ من النوم وقد كانوا يستحبون أن لا يأتي على العبد يوم وليلة إلا تصدق فيه بصدقة وإن قل مثل لقمة أو ثمرة حتى كان بعضهم يتصدق ببصلة وبخيط لأنه جاء في الأثر كل امرئ يوم القيامة في ظل صدقته والله سبحانه يشكر القليل الدائم وهو أحب إليه من الكثير المنقطع ألم تر كيف ذم من أعطى وقطع في قوله تعالى: (وَأَعْطى قَليلاً وَأَكْدى) النجم: 34 أي قطع ومدح فواكه الجنة يعيب بذلك فواكه الدنيا في تدبر الخطاب فقال: (وَفَاكِهَةٍ كَثيرَةٍ) (لاَ مَقْطُوعَةٍ وَلاَ مَمْنُوعَةٍ) الواقعة: 32 - 33 أي فازهدوا من فوكه الدنيا فإنها مقطوعة ممنوعة رغبة في هذه الدائمة وكان من أخلاق السلف أن لا يردوا سائلاً إلا بشيء وإن قل لقول رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اتقوا النار ولو بشق تمرة ولقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: للسائل حق ولو جاء على فرس مطوّق بفضة ولقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا ترد السائل ولو بظلف محترق ودفعت عائشة رضي الله عنها إلى السائل عنبة واحدة قال فنظر بعضنا إلى بعض فقالت: ما لك إن فيها لمثاقيل ذرة كثيرة وقد كان من أخلاقهم أن لا يسأل أحد شيئاً أو يراد بأمر مباح فيقول لا لكراهتهم الخلاف ومحبتهم الائتلاف وكان من أخلاق رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما سئل شيئاً قط فقال: لا، فإن لم يقدر عليه سكت وقد كانوا يجتمعون على الأمر الواحد بقلب واحد ولا يستبد بعضهم بأمر دون بعض ولا يستأثر أحدهم بشيء دون أخيه وبذلك وصفهم الله عزّ وجلّ في قوله تعالى: (وَأمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) الشورى: 38 أي أمورهم مشاعة فيما بينهم غير مقسومة هم فيها سواء، ويستحب للعبد أن يجمع بين هذه الأعمال الأربعة صوم وصدقة وعيادة مريض وشهود جنازة وقد كان هذا طريق المريدين يسارعون إليه ويحرصون عليه، وفي الخبر من جمع بين هذه الأربع في يوم غفر له، وفي بعضها دخل الجنة فإن اتفق له منها ثلاث أو اثنان فأعجزه ما بقي حسب له تمامها لحسن نيّته، ولا يدعنّ الجماعة سيما إذا سمع التأذين أو كان في جوار المسجد، وحد الجوار أن يكون بينه وبين المسجد ثلاث دور، وأولى المساجد أن يصلّي فيه أقربها منه إلا أن يكون له نية في الأبعد لكثرة الخطأ أو لفضل الإمام فيه والصلاة خلف العالم الفاضل أفضل أو يريد أن يعمر بيتاً من بيوت الله عزّ وجلّ بالصلاة فيه وإن بعد، وقال سعيد بن المسيب: من صلّى الخمس في جماعة فقد ملأ البرين والبحرين عبادة وليتوضأ لكل صلاة قبل دخول وقتها فإنه من المحافظة عليها ومن حسن معاملتها، وقال أبو الدرداء: وحلف بالله وما سمعته حالفاً بالله قط قال: من أحب الأعمال إلى الله عزّ وجلّ ثلاث: أمر بصدقة، وخطوة إلى صلاة جماعة، أو إصلاح بين الناس،