ويقال لما تحت الأظافر من الوسخ الأف، وهو الذي يقال أف وتف؛ فالأف وسخ الظفر، والتف وسخ الأذن، وقيل: بل التف كلمة اتباع للمبالغة في التأذي بالقذر المؤذي؛ ومن ذلك قولهم في الإتباع جائع نائع وعطشان نطشان ولا أثر له ولاعنبر، وقيل من هذا قول الله تعالى: (فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ) الإسراء: 23، أي لا تعبهما بما تحت الظفر من الوسخ، وقيل: لا تؤذهما تأذيك بما تحت ظفرك من الأذى أو لا تؤذهما بمقدار ذلك.
قد ذكر في بعض الأخبار: أنّ لله تعالى ملائكة يقسمون والذي زين بني آدم باللحي، ويقال: إنّ اللحية من تمام خلق الرجل وبها تميّز الرجال من النساء في ظاهر الخلق، في وصف رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنه كان كثّ اللحية، وكذلك كان أبو بكر وكان عثمان طويل اللحية دقيقها، وكان علي رضي الله تعالى عنه عريض اللحية قد ملأت ما بين منكبيه، ويقال: إنّ أهل الجنة مرد إلا هارون أخا موسى عليهما السلام فإن له لحية إلى صدره تخصيصاً له وتفضيلاً، ووصف بعض بني تميم من رهط الأحنف بن قيس قال: وددنا أنا اشترينا للأحنف اللحية بعشرين ألفاً فلم يذكر حنفه في رجله ولا عوره في عينه وذكر كراهية عدم لحيته وكان عاقلاً حليماً، وقد روينا من غريب تأويل قوله تعالى: (يَزيدُ في الخَلْقِ مَا يَشَاءُ) فاطر: 1، قال اللحي وفيه وجوه كثيرة، وذكر عن شريح القاضي قال: وددت لو أنّ لي لحية بعشرة آلاف، وقال بعض الأدباء في اللحية خصال نافعة منها تعظيم الرجل والنظر إليه بعين العلم والوقار، ومنها رفعه في المجالس والإقبال عليه، ومنها تقديمه على الجماعة وتعقيله وفيها وقاية للعرض؛ يعني إذا أرادوا شتمه عرضوا له بها فوقت عرضه، وقال أبو يوسف القاضي: من عظمت لحيته جلت معرفته، ففي اللحية من خفايا الهوى ودقائق آفات النفوس، ومن البدع المحدثة اثنتا عشرة خصلة بعضها أعظم من بعض وكلّها مكروهة، قد كنا أجملنا ذلك عدداً في باب آفات النفوس، فأما تفسيره فإن من ذلك خضابها بالسواد لأجل الهوى وتدليس الشيبة، وخضابها بالحمرة والصفرة من غير نية تشبيهاً بالصالحين والقراء من السنّة، وتبييضها بالكبريت وغيره استعجالاً لإظهار علو السنّ وستر الحداثة لأجل الرياسة والتعظيم ليشهد عند الحكام أو لينفق بذلك حديثه ويدعي بالسنّ مشاهدة من لم يره، فعل ذلك بعض المحدثين وبعض الشهود، ومن ذلك نتفها أو نتف الشيب منها تغطية للتكهل، ومنها تقصيصها كالتعبية طاقة على طاقة للتزين والتصنع، ومن ذلك النقصان منها