ثم تراجع بعضهم إلى ابن عباس فسأله فكشف له عن الحقّ واستتاب منهم ألفين، وقاتل عليّ كرّم الله وجهه أربعة آلاف؛ فهذه أوّل فرقة مرقت من الدين واتبعت غير سبيل المؤمنين، ثم افترقت الفرقة الثانية بالمدائن فرأوا دين الأرجاء، وأنّ الإيمان قول وعمل، وأنه لا يزيد ولا ينقص، وكتب بذلك إلى أمير الشام فهمّ بقتالهم، ثم شغل عنهم بقتال الروم ثم افترقت الفرقة الثالثة بالبصرة وهم القدرية إمامهم معبد الجهني، وتابعه عمرو بن عبيد وواصل بن عطاء الغزال وأصحابهم، ثم خرجت الفرقة الرابعة من الكوفة سموا بذلك لما رفضوا زيد ابن علي بن الحسين حين خرج يقاتل هشاماً فقالوا له: أتبرأ من أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما؟ قال: هما جداي إماما عدل لا أتبرأ منهما فرفضوه، ثم افترقت كل فرقة ثمان عشر فرقة، فتمت اثنتان وسبعون فرقة، وكلها نبع بأرض العراق، ومنه طلع قرن الشيطان، وظهرت الفتن نعوذ بالله منها، ما ظهر منها وما بطن، وقد روينا عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنّ لله عزّ وجلّ ثلاث أملاك؛ ملك على ظهر بيت الله تعالى، وملك على مسجد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وملك على ظهر بيت المقدس، ينادون في كل يوم، يقول الملك الذي على ظهر بيت الله تعالى: من ضيّع فرائض الله خرج من أمان الله، ويقول الملك الذي على ظهر مسجد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من خالف سنّة رسول الله
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم تنله شفاعة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويقول الملك الذي على ظهر بيت المقدس: من أكل حراماً لم يقبل منه صرف ولا عدل. لى الله عليه وسلم لم تنله شفاعة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويقول الملك الذي على ظهر بيت المقدس: من أكل حراماً لم يقبل منه صرف ولا عدل.
شرح معاملة القلب من العلم الظاهر
ذكر مباني الإسلام وأركان الإيمان
قال الله تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَني آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أََنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلى شَهِدْنَا) الأعراف: 172، وقال عزّ وجلّ: (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ وَميثَاقَهُ الَّذي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا) المائدة: 7، وقال تعالى: (وَمَا لَكُمْ لاَ تُؤْمِنُونَ بِالله وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ ميثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنينَ) الحديد: 8، فمباني الإسلام خمسة: أوّلها شهادة أنّ لا إله إلاّ الله وحده وأنّ محمّداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عبده ورسوله؛ وهما كواحدة لاتصال إحداهما بالأخرى في الوجوب والحكم، وإقام الصلوات الخمس وهنّ كواحدة منها لتعلق كل واحدة بصاحبتها، وإيتاء الزكاة وهي كالصلاة، لاقترانها بها والإشتراط بها، وصوم رمضان، وحجّ البيت؛ وهما كشيء واحد من الفرض، فهذه الخمس كواحدة منهن في إيجاب العقد واعتقاد الوجوب، وإن اختلف الحكم في سقوط فعل بعضها بشرط،