باللسان عن غير توبة وندم بالقلب، وفي بخبر: الاستغفار باللسان من غير توبة وندم بالقلب توبة الكذابين، وكانت رابعة تقول: استغفارنا هذا يحتاج إلى استغفار فكم من توبة تحتاج إلى توبة في تصحيحها والإخلاص من النظر إليها والسكون والإدلال بها، فمن عقب السيئات بحسنات وخلط الصالحات بالطالحات طمع له في النجاة ورجا له الاستقامة قبل الوفاة، قال الله تعالى: (خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وآخرَ سَيِّئاً عسى الله أنْ يَتُوب عَلَيْهِمْ) التوبة: 102 أي يعطف عليهم وينظر إليهم وقيل: خلطوا علملاً صالحاً هو الاعتراف بالذنوب والتوبة المستأنفة وآخر سيّئاً ما سلف من الغفلة والجهالة، وقد كان ابن عباس يقول: غفور لمن تاب رحيم حيث رخص في التوبة، وقد قال الله تعالى (وإنّي لَغفَّارُ لِمَنْ تابَ) طه: 82 أي من الشرك وآمن بالتوحيد وعمل صالحاً؛ أدّى الفرئض واجتنب المحارم ثم اهتدى كان على السنّة وقيل: استقام على التوبة فهذه صفات المؤمنين فلم يرّد الله تعالى المخلصين إلى ما ردّ إليه المنافقين وهو التوبة وكذلك ردّ إليها المشركين إذ لا طريق للكل إلا منها ولا وصول إلى المحبة والرضا إلا بها.

وقال تعالى في وصف المنافقين: (وآخرون مُرْجَوْنَ لأمْرِ الله إمّا يُعَذِّبُهُمْ) التوبة: 106 أي مع الإصرار وإمّا يتوب عليهم أي بالاستغفار وأحكم ذلك وفصله بما شرط له، كما قال في شأن الكافرين: (فإن تابُوا وأقامُوا الصَّلاةَ وآتوا الزَّكاة فخلُّوا سبِيلهُمْ) التوبة: 5 وقد قرن الله تعالى الاستغفار للعبادة ببقاء الرسول لله في الأمة ورفع العذاب عنهم بوجوده فضلاًمنه ونعمة، وقال تعالى: (وما كان الله لِيُعَذِّبَهُمْ وأنت فيهم وما كان الله مُعَذِّبَهُمْ وهمْ يَستغفِرُون) الأنفال: 33، وكان بعض السلف يقول: كان لنا أمانان ذهب أحدهما وبقي الآخر، فإن ذهب الآخر هلكنا يعني الذي ذهب الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والذي بقي الاستغفار، وسئل سهل رحمه الله عن الاستغفار الذي يكفر الذنوب فقال: أوّل الاستغفار الاستجابة ثم الإنابة ثم التوبة فالاستجابة أعمال الجوارح والإنابة أعمال القلوب والتوبة إقباله على مولاه وترك الخلق، ثم يستغفر من تقصيره الذي هو فيه ومن الجهل بالنعمة وترك الشكر، فعند ذلك يغفر له ويكون عنده مأواه ثم ينقل إلى الانفراد ثم الثبات ثم البيان ثم القرب ثم المعرفة ثم المناجاة ثم المصافاة ثم الموالاة ثم محادثة السر وهو الخلّة، ولا يستقر هذا في قلب عبد حتى يكون العلم غذاءه والذكر قوامه والرضا زاده والتفويض مراده والتوكل صاحبه، ثم ينظر الله تعالى إليه فيرفعه إلى العرش فيكون مقامه مقام حملة العرش وكان يقول العبد لا بدّ له من مولاه على كل حال، وأحسن حاله أن يرجع إليه في كل شيء إذا عصي يقول: يا رب استر علي فإذا فرغ من المعصية قال: يا ربّ تبْ عليّ فإذا تاب قال يا ربّ ارزقني العصمة فإذا عمل قال: يا ربّ تقبّل مني، ومن أحسن ما يتعقب الذنب من الأعمال بعد التوبة وحلّ الإصرار مما يرجى به كفارة الخطيئة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015