والاستماع إليهما والعقد على البلاغات وسوء الظن لأجلها، وهو اشتراك في الغيبة والنميمة، وكل بلاغة تزيد وتنقص إن كان شراً ازددت فيه وإن كان خيراً نقصت منه وسهلوا في النظر إلى الزور واللهو ومجالسة البطالين والمشي في أسباب الهوى والتعصب وشدة الحرص في الدنيا، وهذا كله كان السلف يشدّدون فيه ومما أحدثوا دخول النساء الحمام من غير ضرورة ودخول الرجل بغير مئزر وهو فسق، وسئل إبراهيم الحربي رحمه الله تعالى عمن يشرب النبيذ ولا يسكر أيصلّى خلفه؟ قال: نعم، قيل: فمن دخل الحمام بغير مئزر فقال لا يُصلي خلفه، هذا لأن شرب النبيذ يختلف فيه إذا لم يسكر ودخول الحمام بغير مئزر محرم بإجماع، وكان بعض العلماء يقول: يحتاج داخل الحمام إلى مئزرين مئزر لوجهه ومئزر لعورته وإلا لم يسلم في دخوله، وكان ابن عمر يقول: الحمام من النعيم الذي أحدثوه، ومن المنكر في الحمام تولي القيم لعورة الرجل المسلم في الأطلاء بالنورة، وقد كان من هدي العلماء في قعودهم أن يجتمع أحدهم في جلسته فينصب ركبتيه ومنهم من يقعد على قدميه ويضع مرفقيه على ركبتيه كذلك كان شمائل كل من تكلم في هذا العلم خاصة من عهد أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومن زمن الحسن البصري وهو أوّل من أظهر هذا العلم وفتق الألسن به إلى وقت أبي القاسم الجنيد قبل أن تظهر الكراسي، وكذلك روي عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كان يقعد القرفصاء ويحتبي بيديه، وفي رواية أخرى: أنه كان يقعد على قدميه ويجعل مرفقيه على ركبتيه وأوّل من قعد على كرسي من أهل هذا العلم: يحيى بن معاذ رحمه الله تعالى بمصر، وتبعه أبو حمزة ببغداد، فعاب الأشياخ عليهما ذلك، ولم يكن ذلك من سيرة العارفين الذين يتكلمون في علم المعرفة واليقين إنما كان يجلس متربعاً، النحويون واللغويون وأبناء الدنيا من العلماء المفتين وهي جلسة المتكبرين، ومن التواضع الاجتماع في الجلسة.
ذكر تفصيل العلوم
ومعروفها وقديمها ومحدثها ومنكرها
اعلم أن العلوم تسعة: أربعة منها سنّة معروفة من الصحابة والتابعين وخمسة محدثة لم تكن تعرف فيما سلف، فأما الأربعة المعروفة فعلم الإيمان وعلم القرآن وعلم السنن والآثار، وعلم الفتاوى والأحكام، وأما الخمسة المحدثة، فالنحو والعروض، وعلم المقاييس، الجدل وفي الفقه، وعلم المعقول بالنظر، وعلم علل الحديث وتطريق الطرقات فيه وتعليل الضعفاء وتضعيف النقلة للآثار فهذا العلم من المحدث إلا أنه علم لأهله فيسمعه أصحابه منهم، وقد كانوا يرون القصص بدعة وينهون عنه ويكرهون مجالسة القصّاص، وقال بعض العلماء نعم الرجل فلان لولا أنه يقصّ، وقال بعض هذه الطائفة: مثل أصحاب الحكايات في أهل المعرفة مثل القصّاص في الفقهاء، وقال آخر: مثل