فمكروه أن تنظر إليه أو يخطر ببالك، وقد سوّى اللَّه عزّ وجلّ بين المستمع والقائل في قوله تعالى: (إنَّكُمْ إذاًِ مِثْلُهُمْ) النساء: 041 ومثل الصائم مثل التوبة لأن الصبر من أوصافها وإنما كانت التوبة مكفرة لما سلف من السيئات لأجل أنه صبر عما سلف من سئ العادات ثم اعتقد ترك العود إلى مثل ما سلف بصيانة جوراحه التي كانت طرائق المكروهات، كذلك كان الصيام جنة من النار وفضيلة من درجات الأبرار، إذا صبر عليه الصائم فحفظ جوارحه فيه من المآثم فإذا أمرحها في الآثام كان كالتائب المتردد الناقض للميثاق لم تكن توبته نصوحاً ولا كان صوم هذا صالحاً وصحيحاً ألا ترى إلى قول رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الصوم جنة من النار ما لم يخرقها بكذب أو غيبة وأمره في قوله عليه السلام: إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولايجهل وان امرؤ شاتمه فليقل: إني صائم، وفي لفظ آخر لايجعل يوم صومه ويوم فطره سواء أي يتحفّظ في صومه لحرمته، وفي خبر: آخر الصوم أمانة فليحفظ أحدكم أمانته، فحفظ الأمانة من صيانة الجوارح لقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لماتلا هذه الآية: (إنَّ اللَّهَ يَأمُرُُكُمْ أنْ تؤَدُّوا الأمانَاتِ إلى أهْلِهَا) النساء: 58 وضع يده على سمعه وبصره قال السمع أمانة والبصر أمانة فذلك مجاز قوله فليقل: إني صائم، أي يذكر الأمانة التي حمل فيؤديها إلى أهلها ومن حفظ الأمانة أن يكتمها فإن أفشاها من غير حاجة فهي خيانة لأن مودعها قد لا يجب أن يظهرها وحقيقة حفظ السرّ نسيانه وضياع السرّ أن يكثر خزانه فحقيقة الصائم أن يكون ناسياًً لصومه لا ينتظر الوقت شغلاً عنه بالمؤقت.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015