أهدى بيضة، فإذا خرج الإمام طويت الصحف ورفعت الأقلام واجتمعت الملائكة عند المنبر يسمعون الذكر، فمن جاء بعد ذلك فكأنما جاء لحق الصلاة وليس من الفضل في شيء فالساعة الأولى تكون بعد صلاة الصبح والساعة الثانية تكون عند ارتفاع الشمس والثالثة تكون عند انبساطها وهي الضحى الأعلى إذا رمضت الأقدام بحر الشمس والساعة الرابعة تكون قبل الزوال والساعة الخامسة إذا زالت الشمس أو مع استوائها وليس الساعة الرابعة والخامسة مستحبتين للبكور ولا فضل لمصلي الجمعة بعد الساعة الخامسة لأن الإمام يخرج في آخرها فلا يبقى إلا فريضة الجمعة، ويقال: إن الناس يكونون في قربهم من الله عزّ وجلّ عند الزيارة للنظر إليه تعالى على قدر بكورهم إلى الجمعة، ودخل ابن مسعود يوم الجمعة بكرة فرأى ثلاثة نفر وقد سبقوه بالبكور فوجم لذلك وجعل يقول: رابع أربعة يعني نفسه وما رابع أربعة من الله ببعيد وهذا من اليقين في هذه المشاهدة للخبر، وقد جاء في الأثران: الملائكة يفتقدون العبد إذا تأخر عن وقته يوم الجمعة فيسأل بعضهم بعضاً عنه مافعل فلان وما الذي أخره عن وقته فيقولون: اللهم إن كان أخره فقره فاغنه وإن كان أخره مرض فاشفه وإن كان أخره شغل عنه ففرغه لعبادتك وإن كان أخره لهو فأقبل بقلبه على طاعتك ولا تقعد إلى القصاص يوم الجمعة فقد كره ذلك ولا في حلقة قبل الصلاة.
وروينا في خبر مقطوع عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثلاث لو يعلم الناس ما فيهن لركضوا الإبل في طلبهن: الأذان، والصف الأوّل، والغدّو إلى الجمعة، قال أحمد بن حنبل وقد ذكر هذا الحديث أفضلهن الغدّو إلى الجمعة، وقد يروى في خبر آخر إذا كان يوم الجمعة قعدت الملائكة على أبواب المسجد بأيديهم صحف من فضة وأقلام من ذهب يكتبون الأول فالأول على مراتبهم.
وروينا في خبر عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه نهى عن التحلّق يوم الجمعة قبل الصلاة الا أن يكون عالماً بالله تعالى، يذكر بأيام الله عزّ وجلّ ويفقه في دين الله عزّ وجلّ، يتكلم في الجامع بالغداة فيجلس إليه فيكون جامعاً بين البكور إلى الجمعة والإستماع إلى العلم ولا يدع الغسل لها يوم الجمعة إلاّ من ضرورة فإنه عند بعض العلماء فرض والاغتسال في البيت أفضل.
وروينا عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: غسل الجمعة واجب على كل محتلم، والمشهور من حديث نافع عن ابن عمر: من أتى الجمعة فليغتسل وكان أهل المدينة يتسابون بينهم فيقولون لأنت شر ممن لا يغتسل يوم الجمعة، وقد قال عمر لعثمان رضي الله عنهما لما دخل وهو يخطب: أهذه الساعة فقال: مازدت بعد أن سمعت الأذان أن توضأت وخرجت، فقال عمر: والوضوء أيضاً، وقد علمت أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يأمر الغسل ولكن في ترك بالغسل رخصة لوضوء عثمان مع علمه ويسند ذلك إلى الخبر المسند من