وَأَن حفظ جَمِيع كتب أَصْحَابنَا فَلَا بُد أَن يتلمذ للْفَتْوَى حَتَّى يَهْتَدِي إِلَيْهِ فَيجب أَن يكون الْمُفْتى هُوَ الماهر الَّذِي أَخذ الْعلم عَن أَهله وَصَارَت لَهُ ملكة نفسانية ويميز الصَّحِيح من غَيره وَيعلم الْمسَائِل وَمَا يتَعَلَّق بهَا على الْوَجْه الْمُعْتَمد فَهَذَا هُوَ الَّذِي يُفْتى النَّاس وَيصْلح أَن يكون وَاسِطَة بَينهم وَبَين الله أما غَيره إِذا تسور هَذَا المُصَنّف يلْزم التعزيز البليغ والزجر الشَّديد وَالْفَاسِق لَا يصلح مفتيا على الْأَصَح وَيَنْبَغِي أَن يكون الْمُفْتى عدلا موثوقا بِهِ فِي عفافه وعقله وصلاحه وفهمه عَالما بِالْكتاب وَالسّنة والأثار ووجوه الْفِقْه اجْتِهَاد الرَّأْي الا أَن يُفْتى بشئ قد سَمعه أَو علمه من كتاب فَإِنَّهُ يجوز وَأَن لم يكن عَالما بِمَا ذكرنَا من الْأَدِلَّة لِأَنَّهُ حاك بِمَا سمع وَعلم من غَيره فَهُوَ بِمَنْزِلَة الرَّاوِي فِي بَاب الحَدِيث فَيشْتَرط الْعقل والضبط وَالْعَدَالَة والفهم وَلَا اخْتِلَاف فِي اشْتِرَاط الْإِسْلَام وَشرط بَعضهم تيقظه نعم لَا يشْتَرط أَن يكون حرا وَلَا ذكرا وَلَا ناطقا فَيصح إِفْتَاء الْأَخْرَس حَيْثُ فهمت إِشَارَته بل النَّاطِق أَن قيل لَهُ أَيجوزُ هَذَا فحرك رَأسه أَي نعم جَازَ أَن يعْمل بإشارته وينبغى أَن يكون منزها عَن خوارم الْمُرُوءَة فَقِيه النَّفس سليم الذِّهْن حسن التَّصَرُّف وَفِي اشْتِرَاط الْحساب لتصحيح مسَائِله وَجْهَان وَيشْتَرط أَن يحفظ مَذْهَب إِمَامه وَيعرف قَوَاعِده وأساليبه وَلَيْسَ للأصولي الماهر وَكَذَا الباحث فِي الْخلاف من الْأَئِمَّة وفحول المناظرين أَن يُفْتى فِي الْفُرُوع وَيجوز للشاب الْفَتْوَى إِذا كَانَ حَافِظًا للروايات وَاقِفًا على الدرايات محافظا على الطَّاعَات مجانبا عَن الشَّهَوَات والشبهات و