وَضُعِّفَ في شيخ أو في حديث فيجعل ذلك سبباً لتعليل حديثه وتضعيفه أين وجد كما يفعله بعض المتأخِّرين من أهل الظَّاهر وغيرهم وهذا أَيضاً غلط. فإن تضعيفَه في رجل أو في حديث ظهر فيه غلطُه لا يوجب التَّضعيف لحديثه مطلقاً. وأئمَّة الحديث على التَّفصيل والنَّقد واعتبار حديث الرَّجل بغيره، والفرق بين ما انفرد به أو وافق فيه الثِّقات. وهذه كلمات نافعة في هذا الموضع، تبيِّن كيف يكون نقد الحديث ومعرفة صحيحه من سقيمه ومعلوله من سليمه (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُورَاً فَمَا لَهُ من نُورٍ) » (?) .

والنَّص التالي عن أبي حاتم الرَّازي - على طوله - يبيِّن أهمية هذا العلم وصعوبته، بل وغرابته أَيضاً على عموم النَّاس، حيث قال: «جاءني رجل من جلِّة أصحاب الرَّأي من أهل الفهم منهم، ومعه دفتر فعرضه عليَّ، فقلت في بعضها: هذا حديث خطأ قد دخل لصاحبه حديث في حديث، وقلت في بعضه: هذا حديث باطل، وقلت في بعضه: هذا حديث منكر، وقلت في بعضه: هذا حديث كذب، وسائر ذلك أحاديث صحاح، فقال: من أين علمت أَنَّ هذا خطأ وأَنَّ هذا باطل وأَنَّ هذا كذب؟ أخبرك راوي هذا الكتاب بأنَّي غلطت وأنَّي كذبت في حديث كذا؟ فقلت: لا! ما أدري هذا الجزء من رواية مَن هو؟ غير أني أعلم أَنَّ هذا خطأ، وأَنَّ هذا الحديث باطل، وأَنَّ هذا الحديث كذب فقال: تدَّعي الغيب؟ قال: قلت: ما هذا ادِّعاء الغيب، قال: فما الدَّليل على ما تقول؟ قلت: سلْ عمَّا قلتُ مَنْ يحسن مثلَ ما أحسنُ فإن اتفقنا علمت أنَّا لم نجازف ولم نقله إلا بفهم. قال: من هو الذي يحسن مثلَ ما تحسن؟ قلت: أبو زرعة. قال: ويقول أبو زرعة مثلَ ما قلتَ؟ قلت: نعم. قال: هذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015