يُنفى علمهم به.

وقال ابن قيِّم الجوزية: «وربَّما يظنُّ الغالط الذي ليس له ذَوق القوم ونقدهم أَنَّ هذا تناقضٌ منهم، فإنهم يحتجُّون بالرَّجل ويوثقونه في موضع، ثم يضعِّفونه بعينه ولا يحتجُّون به في موضع آخر. ويقولون: إن كان ثقة وجب قبول روايته جملة، وإن لم يكن ثقة وجب ترك الاحتجاج به جملة. وهذه طريقة فاسدة مُجمعٌ بين أهل الحديث على فسادها، فإنهم يحتجُّون من حديث الرجل بما تابعه غيره عليه وقامت شهوده من طرقٍ ومتونٍ أخرى، ويتركون حديثه بعينه إذا روى ما يخالف النَّاس أو انفرد عنهم بما لا يتابعونه عليه. إذِ الغلط في موضع لا يوجب الغلط في كل موضعٍ والإصابة في بعض الحديث أو في غالبه لا توجب العصمة من الخطأ في بعضه ولا سيَّما إذا عُلم من مثل هذا أغلاطٌ عديدةٌ ثم روى ما يخالف النَّاس ولا يتابعونه عليه فإنَّه يغلب على الظن أو يجزم بغلطه.

وهنا يعرِض - لمن قَصُرَ نقدُهُ وذَوقه عن نقد الأئمَّة وذوقهم في هذا الشَّأن - نوعان من الغلط ننبِّه عليهما لعظيم فائدة الاحتراز منهما:

1. أحدهما: - أن يرى مثل هذا الرَّجل قد وثق وشهد له بالصدق والعدالة أو خرج حديثه في الصَّحيح فيجعل كلَّ ما رواه على شرط الصَّحيح، وهذا غلط ظاهر فإنه إنَّما يكون على شرط الصَّحيح إذا انتفت عنه العلل والشُّذوذ والنَّكارة وتوبع عليه فأما مع وجود ذلك أو بعضه فإنه لا يكون صحيحاً ولا على شرط الصَّحيح. ومن تأمَّل كلام البخاري ونظرائه في تعليله أحاديث جماعة أخرج حديثهم في صحيحه، علم إمامته وموقعه من هذا الشأن وتبيَّن به حقيقة ما ذكرنا.

2. النوع الثاني من الغلط: - أن يرى الرَّجل قد تكلِّم في بعض حديثه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015