إلى جعل المظهر الأرضي الريفي هو محصلة نهائية لتراكم الأنشطة البشرية عبر قرون عديدة متعاقبة".

وقد جذب بعض المفكرين ومنهم: لوبلاي -عالم الاجتماع الفرنسي- الانتباه إلى ثلاثة عناصر رئيسية في الحياة هي: المكان والعمل والناس، وأضاف بعض المفكرين عناصر أخرى مثل الغذاء والملبس والمأوى كاحتياجات ثلاثة رئيسية لبني البشر، والتي يعد أولها ضروريا لحياة كل فرد وفي كل مكان، كذلك فإن فلير في حديثه عن الجغرافيا، ذكر أن الإنسان ما يلبث بعد حصوله على غذائه اليومي في البحث عن حياة الأفضل من خلال ممارسته للفنون والتعليم والديانة والترفيه والتنظيم الاجتماعي، ومن ثم تصبح المدنية أكثر تعقيدا وسيضم المجتمع في مثل هذه الظروف أعدادا كبيرة من الأفراد متخصصين في أنشطة أخرى ليس من بينها إنتاج الغذاء أو الصناعات المختلفة ولكنهم يعملون بأنشطة ذهنية وفكرية ويمنحون مجتمعهم وعالمهم احتياجاته من الفنون والآداب والثقافة وغير ذلك. وفي أقاليم الوفرة حيث يتم إنتاج الغذاء بسهولة كما في معظم أراضي حوض البحر المتوسط أو في حواف الإقليم الموسمي في آسيا أو في أودية الأنهار مثل مصر وأراضي ما بين النهرين، فإن التقدم الحضاري بجوانبه العديدة قد تحقق مبكرا وانعكس على مظاهر الحضارة بهذه الأقاليم.

وقد أسهم التصنيع في العصر الحديث في خلق طبقة من أفراد المجتمع الذين تخصصوا بدرجة أكبر في الإنتاج الفكري والذهني والثقافي وقد زاد حجم هذه الطبقة في المجتمع بدرجة فاقت ما كانت عليه في أي وقت مضى في التاريخ البشري، وترتب على ذلك تعقيد اجتماعي أكثر وربما خلقت مشكلات مرتبطة بالنقص في الغذاء، والإنتاج المادي في بعض المجتمعات، خاصة إذا أدركنا أن النصف الثاني من القرن العشرين قد شهد زيادة كبيرة في أعداد البشر وتضخمت كثير من المدن مما يلقي بدوره بأعباء ضخمة على عاتق القائمين بالتخطيط سواء في الامتداد العمراني أو في إعادة توزيع السكان.

وتؤدي الاختلافات المكانية في الدولة إلى اختلاف أسس تطبيق الخطط المتعددة مما يصعب معه وضع أساس ثابت للتخطيط يمكن تطبيقه في جميع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015