والأرض بقصد الوصول إلى استغلالها الأمثل لصالح الإنسان ورفاهيته.
وعلى ذلك فإن للتخطيط أساسا جغرافيا لا مفر منه، فبالرغم من أن المخطط يعمل من خلال قانون معين وفي ظروف اقتصادية محددة وفقا لاحتياجات السكان إلا أنه في كل الأحوال يعمل في بيئة جغرافية ذات سطح ومناخ وظروف طبيعية متعددة ولذا فإن عليه أن يبدأ بدراسة البيئة التي يحيا عليها ويتفهم المظاهر الأرضية المميزة لها قبل أن يشرع في إعداد الخطة الإقليمية لها.
ومن الطبيعي أن للبيئة الجغرافية وجهان أحدهما المظهر الطبيعي والذي يتميز بالثبات إلى حد كبير والمظهر البشري المتغير باستمرار، ولا شك أن احتياجات البشر اليومية تنعكس على كثير من أوجه الاستخدام البيئي، ويرتبط ذلك في الواقع بتطور التأثير البشري على البيئة وعلاقة الإنسان بها؛ ذلك لأن النظرة العميقة للماضي توضح أن هناك تراثا متراكما من المؤثرات البشرية التي تركت بصماتها على المظهر الأرضي خاصة في المناطق الريفية بما فيها شكل المزارع ومتوسط الملكيات الزراعية وفي تنظيم الطرق والممرات فيما بينها وتحديد مواضع القرى والمزارع، وكذلك الحال في المناطق الحضرية "المدن" حيث انعكس التراث المتراكم على ما نراه بها اليوم من تحديد مواقع هذه المدن وتركيبها الوظيفي واتجاه التوسع العمراني لها ومنطقة القلب التجاري وتحديد مناطق الصناعة وغيرها, كذلك فإن دراسة تطور نظم الري والقنوات القدمية وتطور وسائل النقل وأثرها في العمران تعكس مدى تأثر الإنسان في بيئته وتباين دوره من مكان الآخر.
ومن الواضح أن ريفنا ومدننا لها مميزات وملامح خاصة اكتسبتها على مدى تطورها الطويل حيث ترك التاريخ بصماته على تركيبها الوظيفي وشكلها المورفولوجي الخارجي، على حد تعبير "فيدال دي لابلاش":
"إنه منذ أول استقرار للبشر في منطقة ما، فإن الإنسان برعايته للحيوان وبزراعته للمحاصيل وما أحدثه من تغيرات في الحياة النباتية وبالتالي ما أحدثه في التربة كل ذلك أدى