تقع في العروض الوسطى حيث تتميز باختلافات فصلية في درجة الحرارة، كما تتباين بها الأقاليم المناخية تباينا كبيرا.
ولقد تناولت آراء كثيرة المناخ الأمثل في العروض الوسطى ولا شك أن البرودة الموسمية والغابات في العروض العليا كانت عوائق في سبيل الانتشار المبكر للحضارات في الشمال -من مواقعها المدارية- واستطاع الإنسان في العصر الحديث بوسائل التقدم الفني أن يتغلب على عوائق البيئة الطبيعية، ومن المؤكد أن جذور الحضارة الغربية التي نعرفها اليوم تمتد إلى العالم اليوناني - الروماني ولكنها تطورت بعد ذلك في النطاق الشمالي الغربي لأوروبا الذي أزيلت غاباته ثم امتدت لتشمل الأراضي الجديدة في العالم الجديد ومن المعروف أن تطور حضارة معينة يرتبط بالقوة السياسية والعسكرية والاقتصادية للوحدة السياسية وتوفر العوامل الجغرافية التي تساعد على ذلك.
وعندما انتشرت الحضارة خارج مركزها في شمال غرب وشمال وسط أوروبا فإنها تأسست في تلك الأجزاء من العالم ذات المناخات الرطبة في العروض الوسطى -مشابهة للمناخ الذي وفدت منه في أوروبا، ولم تستطع المناخات المدارية الرطبة أو الواحات الصحراوية وأراضي الحشائش القصيرة "الإستبس" ولا الأصقاع الشمالية أن تجذب استقرار الشعوب الأوروبية إلى هذه الأراضي، حيث وفدوا إلى هذه المناطق للاستغلال وليس الاستيطان.
وحتى في استعمار الأقاليم الرطبة في العروض الوسطى فإن الأهداف الرئيسية للأوروبيين كانت أساسا استغلالية ولكن استغرق ذلك فترة قصيرة وفي تلك المناطق مثل كندا واستراليا والولايات المتحدة ونيوزيلند فتح الاستغلال الطريق نحو الاستيطان الدائم.
ويعد الموقع الحالي للمجتمعات الصناعية الغربية في العالم نتاجا للتفضيل البشري أكثر منه نتاجا لحدود كامنة في مناخات معينة. حيث فضل الأوروبيون أن ينقلوا حضارتهم إلى مناطق ذات مناخ العروض الوسطى وهذه الحضارة باستخدامها العظيم لمصادر الطاقة لديها وخلفياتها في المكتشفات التكنولوجية قد أسهمت في وجود أساس لدى القوى العالمية المعاصرة وفي