جماعات الإسكيمو في النطاق القطبي وكذلك لدى جماعات الهنود الحمر في أمريكا الشمالية وشعوب شرق سيبيريا، ولعل في ظاهرة الانتقال الفصلي transhumance ما يدل على أن العمران غير مستقر حيث يشغل السكان المساكن بصفة غير دائمة، بالرغم من أنها مساكن مبنية حيث يسكنونها في فصل الرعي في خلال جزء من السنة، بينما على الجبال تكون المساكن الفصلية الأخرى على بعد عشرة أو عشرين أو ربما ثلاثين ميلا من القرى الدائمة في الأودية السفلى.

وكذلك الحال لدى الزراع البدائيين الذين ينظفون مساحة من الأرض لزراعتها، وعندما تقل خصوبة تربتها فإنهم يفضلون الانتقال بقريتهم إلى موضع جديد عن البقاء في القرية الأصلية والعودة إليها، ولذا تبدو المزرعة القديمة مهجورة، وكذلك القرية التي كانت مركزا عمرانيا للجماعة البشرية تبدو مهجورة هي الأخرى.

ولا تتم إزالة القرى عشوائيا -فيما عدا بعض القبائل البدائية جدا- بل يتم ذلك في دورة معتدلة، ومن وقت لآخر تبنى القرية في موضع سابق شغلته مراكز عمرانية مرات عديدة من قبل، ولا شك أن لذلك فائدة كبرى تتمثل في الاستفادة من بقايا القرية السابقة في إنشاء محلة عمرانية جديدة، وقد يحدث في بعض الأحيان أن تتأقلم الزراعة المتنقلة مع العمران المبعثر كما في غابات الأمزون حيث يعيش الزراع المتنقلون في قرى ثابتة مع مساكن مبعثرة جنبا إلى جنب، وفي أعالي وادي نهر ريو برانكو فإن القبائل تتكون من عائلات صغيرة تعيش منفصلة في مجموعات صغيرة من كوخين أو ثلاثة وتتغير مواضع هذه الأكواخ كل سنتين أو ثلاثة، كذلك فإن جماعات الأروكان الذين يحترفون الزراعة المتنقلة فيما بين وسط وجنوب شيلي يعيشون في مساكن مبعثرة للغاية حيث تتكون بيوتهم من الأغصان ولذلك فعند انتقالهم يأخذون معهم الإطار الرئيسي للمسكن فقط.

والشعوب البدائية التي تمارس الزراعة المتنقلة لديها مساحات واسعة من الأراضي يمكنهم أن يتبعوا دورة كل عدة سنوات بها، ففي الزراعة المتنقلة تزال القرى عند الانتقال إلى منطقة جديدة بعد إجهاد التربة في المنطقة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015