عوامل النمو السكاني في العصر الحديث:

تضافرت مجموعة من العوامل أدت إلى التزايد السكاني الكبير الذي يشهده العالم في العصر الحديث، وكان من أبرزها تلك الثورة الزراعية في وسائل الإنتاج الزراعي وأساليبه، وقد تمكن البشر بواسطتها من مواجهة أثر الكوارث التي كانت تقلل من أعداد السكان في الماضي، وقد بدأت الثورة الزراعية الحقيقية في دول الغرب منذ أوائل القرن الثامن عشر في إنجلترا وبعض الدول الأوروبية ثم ما لبثت أن انتشرت نحو دول أخرى في العالم بل إن هذه الثورة ما زالت مستمرة في بعض الدول النامية التي أخذت بأساليبها حديثا.

وقد واكب هذه الثورة الزراعية انقلاب صناعي كذلك في القرن الثامن عشر كان له أبرز الأثر في زيادة الإنتاج وتطور وسائل النقل وكان أبرز مظاهر هذا الانقلاب اختراع الآلة البخارية سنة 1698 وما أدخل عليها من تعديلات في السنوات التالية ثم ما لبث استخدام البخار أن انتشر بعد ذلك كطاقة رئيسية في الآلات ولم ينته الربع الأول من القرن التاسع عشر حتى بدأ استخدامها في النقل بالسكك الحديدية وبالسفن.

وكان أثر هذه الوسائل التقنية في الزراعة والصناعة والنقل في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر بالغا في زيادة قدرة الإنسان على إنتاج الغذاء والضروريات الأساسية الأخرى وأهم من ذلك كله ساعد التحسن في فنون النقل على فتح أراضٍ جديدة شاسعة خاصة في نصف الكرة الغربي والأوقيانوسية وما ترتب على ذلك من هجرة سكانية ضخمة إليها حتى إن أمريكا الشمالية مثلا كان يسكنها قبل وفود الأوروبيين إليها في القرن السابع عشر والسنين التالية عدد يتراوح بين 500.000 إلى مليون نسمة من الهنود الحمر ولكنها تحتوي اليوم ما يزيد على مائتي مليون نسمة.

وفي خلال الفترة من 1650 - 1850 كان تطور الأساليب الجديدة في الزراعة والصناعة والنقل والاستقرار السياسي النسبي من العوامل الهامة التي أدت إلى تزايد سكان الغرب زيادة جعلت روبرت توماس مالثوس يكتب نظريته المشهورة في الفترة من 1800 - 1802 محذرا عن عواقب التزايد السكاني والصراع بينه وبين الموارد الغذائية السائدة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015