كلها إلى تدهور المراعي في آسيا مما ترتب عليه هجرة الشعوب الجائعة نحو المناطق الأقل جفافا ولكن هذه الآراء تلقى الكثير من المعارضة من بعض الباحثين.
وتعتبر الحياة النباتية من العوامل الطبيعية المؤثرة في حياة الإنسان ذلك لأنها تؤثر في إنتاج الإقليم الاقتصادي وتحدد نوع الحرفة التي يقوم بها الإنسان وطريقة ومستوى معيشته فمناطق الحشائش صالحة تماما للرعي كما أنها صالحة للزراعة إذا ما أمكن حرق الحشائش بعكس الحال في مناطق الغابات التي تقل صلاحيتها للزراعة ونلاحظ أنه حيث يرتقي الإنسان وترتقي حضارته فإن عناصر البيئة الحضارية سرعان ما تغير الحياتين النباتية والحيوانية وعلى نطاق واسع فالمحاصيل المزروعة والمراعي الصناعية تحل محل النبات الطبيعي وتحل الحيوانات المستأنسة محل كثير من الحيوانات البرية.
وعلى الرغم من أن الإنسان قد أزال أجزاء من الغطاء النباتي الطبيعي في معظم بقاع العالم سواء لإحلال الزراعة محلها أو لأي غرض آخر فإن أهميتها بالنسبة للإنسان أهمية كبيرة إذا ما أدركنا أن استهلاكه من الأخشاب في أغراض البناء أو صناعة الأثاث أو في مد السكك الحديدية وصناعة السفن وغيرها في تزايد مستمر تبعا لتزايد أعداده كذلك يمكن أن تظهر الأهمية الكبرى للحياة النباتية إذا أدركنا أن ما يستهلكه العالم من لحوم وجلود وأصواف يأتي في معظمه من المناطق ذات المراعي الطبيعية التي تربى عليها قطعان ضخمة من الماشية والأغنام كما هو الحال في الأمريكتين واستراليا ونيوزيلند.
وقد يكون الغطاء النباتي حائلا للتقدم البشري في كثير من الأحيان حيث تعوق الغابات الكثيفة طرق النقل المتنوعة التي يصعب مدها فيها مثل طرق السيارات أو السكك الحديدية كما يبدو في حوض الكونغو والأمازون واللذين ما زالا حتى الآن مناطق طرد بشري وتسود بهما حرف بدائية كالصيد والجمع وغير ذلك فقد قامت مناطق الغابات بدور الحماية للجماعات المستضعفة في مواجهة الجماعات القومية فمناطق غابات الكونغو كانت ملجأ للأقزام التجئوا إليها تحت ضغط جماعات الزنج السودانيين وجماعات البانتو.
وقد ترتب على المظهر الطبيعي في مناطق الغابات أنها قليلة السكان بصفة عامة ولا يعيش فيها سوى بعض الجماعات البدائية قليلة العدد والتي يتناقص عددها في معظم الأحيان كذلك يسكن هذه الغابات بعض عمال قطع الأخشاب والصناعات القائمة عليها أو جمع منتجات الغابة.