وبصفة عامة فإن سطح الأرض يمكن أن ينقسم إلى المناخ المداري الحار والمناخ الجاف والمعتدل والبارد وذلك منذ أن بدأ المناخ الحالي يسود الأرض -أي منذ فترة العصر الحجري الحديث- وهذه الفترة في تاريخ الإنسان أعقبت العصر الحجري القديم والذي كان المناخ فيه مختلفا وكذلك أنماط الحياة وأساليبها، وقد انتهى العصر الحجري القديم في وقت كان المناخ فيه باردا وتميز في أوروبا بامتداد الغطاء الجليدي وفي صحاري العالم القديم بظروف مناخية تتصف بالرطوبة التي ساعدت على نمو الإستبس في مناطق واسعة تعد صحراوية وقاحلة اليوم.
ولم تبدأ المدنيات القائمة على الزراعة في أقاليم العالم في وقت واحد فقد ظهرت متأخرة في العروض العليا في إسكنديناوه ويذهب بعض العلماء إلى أن البرونز كان معروفا للمصريين القدماء منذ حوالي 5000 سنة قبل الميلاد في الوقت الذي لم يبدأ فيه العصر البرونزي في السويد مثلا حتى القرن الثامن عشر أو السابع عشر قبل الميلاد وبين بعض الجماعات في شرق سيبيريا فإن عصر البرونز لم يبدأ إلا في أوائل العصر المسيحي1.
وكقاعدة عامة، فقد كان التطور بطيئا في بعض مظاهر الحضارة مثال ذلك أن استخدام الحديد يرجع إلى القرنين الخامس والثالث قبل الميلاد في السويد بينما كان مألوفا في إيطاليا منذ القرن الثاني عشر قبل الميلاد، ويرى هنتنجتون أن هناك تغيرات مناخية كبيرة قد طرأت على امتداد التاريخ البشري ويستدل على ذلك باختفاء بعض المدن في جنوب غرب آسيا مثل تدمر التي كانت مزدهرة حتى بداية العصر المسيحي وهي اليوم أطلال بالية في الصحراء كذلك فإن هناك مدنا رومانية أخرى وخاصة تلك التي شيدت على أطراف الصحراء الأفريقية تحولت إلى أطلال لعدة عوامل أبرزها تغير الظروف المناخية، بل إن هنتنجتون يرجع الثورة الزراعية التي حدثت في إيطاليا حوالي سنة 200 ق. م إلى تناقص كمية الأمطار مما ترتب عليه نقص في محصول القمح وهجرة كثير من الريفيين إلى المدن. بل إنه يربط بين التغيرات المناخية والأحداث التاريخية الكبرى مثل ثورة العبيد والاضطرابات ثم غزو البرابرة والتي ترجع