ظهر الأول منها في سنة 1943 والأخير في سنة 1952 وذلك تحت عنوان: "أسس الجغرافيا البشرية" fondoment de la geogr. Humaine
ويعد من أبرز الدراسات الجغرافية في المدرسة الفرنسية الحديثة وقد كرس الجزء الأول من هذه المجموعة لدراسة الإنسان ككائن يتكيف ويتلاءم مع ظروف بيئته الطبيعية وقد تعرض فيه لدور المناخ على وظائف أعضاء الجسم وكذلك على أصل وظائف الاختلافات الجنسية بين الأجناس ثم درس العلاقة بين الإنسان والأمراض البيئية في ذلك. أما الجزء الثاني من كتابه "في جزئين" فقد كرس لأساليب الحياة الاجتماعية حيث وضع الإنسان في صدر الصورة بكل ما أوتي من قوى الابتكار في قهر الطبيعة وتحويلها إلى ما يعرف بالأكيومين okumene أو النطاق المعمور من الأرض.
وليست الوحدة الأرضية عند كل من فيدال دي لابلاش وسور إيكولوجية فحسب بل إنها تطورية كذلك؛ ذلك لأن المجتمع البشري قد استمد تعقيده وتشابكه من ظروف بيئته عندما تخطت مجموعات من البشر حدود الأكيومين أو العالم المعمور فإنهم وسعوا تلك الحدود وبدأوا في استغلال الموارد الاقتصادية في المناطق التي تم كشفها، كما كان الحال في عهد الكشوف الجغرافية فيما بين سنتي 1500، 1900 وإلى حد قليل من القرن العشرين وعندما تطورت وسائل النقل في العصر الحديث تحققت الوحدة الأرضية بصورة أوضح في انتشار المعرفة والتشابك الاقتصادي بين دول العالم.
وقد ذكر هنتنجتون "1934" في كتابه مبادئ الجغرافيا البشرية principles of Human Geography مغزى الجغرافيا البشرية ومرماها حيث اتجه إلى دارسة العلاقات الإنسانية البيئية عن طريق دراسة العوامل الطبيعية المختلفة مثل الموقع ومظاهر السطح والتربة والمناخ ثم بعد ذلك الحياة الاقتصادية للإنسان ودرجة التحضر التي وصل إليها في مجتمعاته المختلفة وقد درس مناطق متعددة في الأراضي الحارة والأراضي الموسمية والصحاري والأقاليم الباردة وكذلك أقطار المناخ المعتدل البحري، والتي ذكر أن هذه الأقطار الأخيرة حبتها الطبيعة بعوامل جعلتها في قمة مراتب الحضارة الحديثة في العالم، وفي دراسته التي قام بها كانت الحقائق الجغرافية ترتبط بعضها ببعض في تسلسل منطقي وإن كانت مجردة من النظرة التاريخية الضرورية لتفسير الحاضر وكأن