فيه الدولة على ضوء علاقتها بالبيئة وأساسها الطبيعي -أي دراسة الدولة كما هي واقفة في المكان- "وهو الأساس الثابت لأماني الشعوب وآمالها وأمزجتها المتغيرة وهو الذي يحكم مصير الأمم حكما صارما أعمى" وقد اعتبر الدولة كائنا حيا في حركة دائمة يمتد في المكان حتى يبلغ حدوده الطبيعية ثم يتعداها إن لم يجد من جيرانه مقاومة قوية ترده إلى حدوده، والدوافع إلى التوسع تتمثل في كسب الأرض وغزوها لخلق دولة كبرى أما المجتمعات البشرية فتنمو داخل إطارات طبيعية تحتل مواضع معينة من سطح الأرض ومن هنا جاء ارتباط كل مجتمع بمنطقة معينة تتزايد حتما في مساحتها كلما زاد عدد سكانها وتظل تتسع حتى تصطدم بموانع طبيعية وبشرية ولقد كان هذا المبدأ التوسعي أساسا من أسس الجيوبوليتكا Geopolitics الألمانية التي ازدهرت بتشجيع من النازية في الثلاثينات من هذا القرن.
وقد تعرضت آراء راتزل في حتمية تأثير البيئة على الإنسان لمعارضة شديدة من قبل بعض علماء الاجتماع والأنثروبولوجيا والتاريخ فقد أنكر دوركايم عز وجلorkeim على راتزل دراسته لكل تأثيرات البيئة الطبيعية في الحياة الاجتماعية ولعل لوسيان فيفر Lucien Febvre هو أعنف من هاجم الحتميين في كتابه La Terre صلى الله عليه وسلمt L'evolution والذي عالج فيه منهج علم الجغرافيا وفلسفتها وقدم الأدلة على سطحية الآراء الحتمية واستنتج فيفر من دراساته أنه لا توجد ضرورات وإنما توجد في كل مكان ممكنات والإنسان سيد هذه الممكنات وهو الذي يقضي باستعمالها، وهكذا ظهر مبدأ الإمكانية Possibilism في الجغرافيا.
وبالرغم من ذلك فإن الدور الذي قام به راتزل في علم الجغرافيا البشرية يضعه رائدا من روادها -ذلك لأنه شرح موضوعاتها على أساس أصولي لم يسبقه إليه أحد- كما كانت دراساته لأنماط الحياة أساسا اعتمد عليه من جاء بعده ومنهم فيدال دي لابلاش Vidal عز وجلe La رضي الله عنهlache رائد الجغرافية الفرنسية الحديثة عند تعرضه للجغرافية البشرية بالبحث والدراسة.
وتعتبر مس إلين سمبل صلى الله عليه وسلم.Simple أهم تلاميذ راتزل الحتميين وقد أعادت كتابة الجغرافيا البشرية بشكل أكثر تنظيما في كتابها "مؤثرات البيئة الجغرافية، في سنة 1911".