كثيرًا ما يوجد في الكتب تلقيب من يعاني الآثار بأحدها، فيظن من لا وقوف له على مصطلح القوم ترادفها وجواز التلقيب بها مطلقًا، وليس كذلك.
بيانه أن المسند: "بكسر النون" هو من يروي الحديث بإسناده، سواء كان عنده علم به أو ليس له إلا مجرد روايته، وأما المحدث فهو أرفع منه بحيث عرف الأسانيد والعلل، وأسماء الرجال. وأكثر من حفظ المتون وسماع الكتب الستة والمسانيد والمعاجم والأجزاء الحديثية، وأما الحافظ فهو مرادف للمحدث عند السلف.
وقال الشيخ فتح الدين بن سيد الناس: "المحدث في عصرنا، من اشتغل بالحديث رواية ودراية، وجمع بين رواته، وأطلع على كثير من الرواة والروايا في عصره، وتميز في ذلك حتى عرف فيه حظه واشتهر فيه ضبطه فإن توسع في ذلك حتى عرف شيوخه، وشيوخ طبقة بعد طبقة بحيث يكون ما يعرفه من كل طبقة أكثر مما يجهله فهذا هو الحافظ، وأما ما يُحكى عن بعض المتقدمين من قولهم كنا لا نعد صاحب حديث من لم يكتب عشرين ألف حديث في الإملاء فذلك بحسب أزمنهم! ".
وقال الإمام أبو شامة: "علوم الحديث الآن ثلاثة أشرفها: حفظ متونه ومعرفة غريبها وفقهها، والثاني حفظ أسانيدها ومعرفة رجالها وتمييز صحيحها من سقيمها، والثالث جمعه وكتابته وسماعه وتطريقه وطلب العلو فيه".
قال الحافظ ابن حجر: "من جمع هذه الثلاث كان فقيها محدثًا كاملًا ومن انفرد باثنين منها كان دونه" كذا في التدريب.