قال الإمام النووي قدس الله سره في شرح خطبة مسلم ما نصه1: "إن المراد من علم الحديث، تحقيق معاني المتون، وتحقيق علم الإسناد والمعلل، والعلة عبارة عن معنى في الحديث خفي يقتضي ضعف الحديث مع أن ظاهره السلامة منها، وتكون العلة تارة في المتن، وتارة في الإسناد وليس المراد من هذا العلم مجرد السماع، ولا الإسماع ولا الكتابة بل الاعتناء بتحقيقه، والبحث عن خفي معاني المتون، والأسانيد والفكر في ذلك ودوام الاعتناء به، ومراجعة أهل المعرفة به ومطالعة كتب أهل التحقيق فيه، وتقييد ما حصل من نفائسه، وغيرها فيحفظها الطالب بقلبه ويفيدها بالكتابة ثم يديم مطالعة ما كتبه، ويتحرى التحقيق فيما يكتبه، ويتثبت فيه فإنه فيما بعد ذلك يصير معتمدًا عليه، ويذاكر بمحفوظاته من ذلك من يشتغل بهذا الفن سواء كان مثله في المرتبة أو فوقه أو تحته فإن بالمذاكرة يثبت المحفوظ، ويتحرر ويتأكد ويتقرر، ويزداد بحسب كثرة المذاكر، ومذاكرة حاذق في الفن ساعة أنفع من المطالعة، والحفظ ساعات بل أيامًا، وليكن في مذاكرته متحريًا الإنصاف قاصدًا الاستفادة والإفادة غير مترفع على صاحبه بقلبه ولا بكلامه ولا بغير ذلك من حاله، مخاطبًا له بالعبارة الجميلة اللينة فبهذا ينمو علمه، وتزكو محفوظاته والله أعلم".