وقال الحافظ السخاوي في فتح المغيث، تحت قول العرافي: "واعمل بما تسمع في الفضائل" ما صورته: "لحديث مرسل قال رجل: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما ينفي عني حجة العلم قال: "العمل"، ولقول مالك بن مغول في قوله تعالى: {فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِم} قال: تركوا العمل به ولقول إبراهيم الحربي إنه ينبغي للرجل إذا سمع شيئًا في آداب النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يتمسك به ولأن ذلك سبب ثبوته وحفظه ونموه والاحتياج فيه إليه، ويروى أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم" وعن أبي الدرداء قال: من عمل بعشر ما يعلم علمه الله ما يجهل، وعن ابن مسعود أنه قال: ما عمل أحد بما علمه الله إلا احتاج الناس إلى ما عنده.
وقال النووي في الأذكار: ينبغي لما بلغه شيء من فضائل الأعمال أن يعمل به ولو مرة ليكون من أهله ولا ينبغي أن يتركه مطلقا، بل يأتي بما تيسر منه لقوله -صلى الله عليه وسلم1: "إذا أمرتكم بشيء فافعلوا منه ما استطعتم".
قلت: ويروى في الترغيب في ذلك عن جابر مرفوع لفظه: "من بلغه عن الله عز وجل شيء فيه فضيلة فأخذ به إيمانا به ورجاء ثوابه أعطاه الله ذلك وإن لم يكن كذلك"، وله شاهد قال أبو عبد الله محمد بن خفيف ما سمعت شيئًا من سنن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا واستعملته حتى الصلاة على أطراف الأصابع، وهي صعبة. وقال الإمام أحمد: "ما كتبت حديثًا إلا وقد عملت به حتى مر بي في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- احتجم وأعطى أبا طيبة دينارًا فأعطيت الحجام دينارًا حين احتجمت ويقال: "اسم أبي طيبة دينار"، وحكاه ابن عبد البر ولا يصح وعن أبي عصمة عاصم بن عصام البيهقي قال: بت ليلة عند أحمد فجاء بالماء فوضعه فلما أصبح نظر إلى الماء فإذا هو كما كان فقال: سبحان الله رجل يطلب العلم لا يكون له ورد بالليل، وقال أحمد في قصة: صاحب الحديث عندنا من يستعمل الحديث، وعن الثوري قال: "إن استطعت أن لا تحك رأسك إلا بأثر فافعل"