يدل على المجاز إلى أنواع المعارضات. وهو باب واسع أيضًا، فإن تعارض دلالات الأقوال وترجيح بعضها على بعض بحر خضم.
السبب التاسع:
اعتقاده أن الحديث معارض بما يدل على ضعفه أو نسخة أو تأويله إن كان قابلا للتأويل، بما يصلح أن يكون معارضا بالاتفاق مثل آية أو حديث آخر أو مثل إجماع، وهذا نوعان: "أحدهما" أن يعتقد أن هذا المعارض راجح في الجملة، فيتعين أحد الثلاثة من غير تعيين واحد منها، وتارة يعين أحدها بأن يعتقد أنه منسوخ أو أنه مؤول ثم قد يغلط في النسخ، فيعتقد المتأخر متقدمًا، وقد يغلط في التأويل بأن يحمل الحديث على ما يحتمله لفظه أو هناك ما يدفعه، وإذا عارضه من حيث الجملة فقد لا يكون ذلك المعارض دالًّا وقد لا يكون الحديث المعارض في قوة الأول إسنادًا أو متنًا وتجيء هنا الأسباب المتقدمة وغيرها في الحديث الأول، والإجماع المدعى في الغالب إنما هو عدم العلم بالمخالف، وقد وجدنا من أعيان العلماء من صاروا إلى القول بأشياء متمسكهم فيها عدم العلم بالمخالف مع أن ظاهر الأدلة عندهم يقتضي خلاف ذلك، لكن لا يمكن العالم أن يبتدئ قولًا لم يعلم به قائلا -مع علمه- بأن الناس قد قالوا خلافه حتى إن منهم من يعلق القول فيقول: إن كان في المسألة إجماع فهو أحق ما يتبع، وإلا فالقول عندي كذا وكذا، وذلك مثل من يقول لا أعلم أحدًا أجاز شهادة العبد وقبولها محفوظ عن علي وأنس وشريح وغيرهم، ويقول أجمعوا على أن المعتق بعضه لا يرث، وتوريثه محفوظ عن علي وابن مسعود، وفيه حديث1 حسن عن النبي، ويقول آخر: لا أعلم أحدًا أوجب الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- في الصلاة2 وإيجابها محفوظ عن أبي جعفر الباقر، وذلك أن غاية كثير من العلماء أن يعلم أهل العلم الذين أدركهم في بلاده وأقوال جماعات غيرهم كما تجد كثيرًا من المتقدمين لا يعلم إلا قول المدنيين والكوفيين، وكثيرًا من المتأخرين لا