قال السخاوي في فتح المغيث: "لما صار الملحوظ بقاء سلسلة الإسناد، توسعوا فيه بحيث كان يكتب السماع عند المزي وبحضرته لمن يكون بعيدًا عن القارئ، وكذا للناعس والمتحدث والصبيان الذين لا ينضبط أحدهم بل يلعبون غالبًا، ولا يشتغلون بمجرد السماع حكاه ابن كثير قال: وبلغني عن القاضي التقي سليمان بن حمرة أنه زجر في مجلسه الصبيان عن اللعب فقال: لا تزجروهم فإنا إنما سمعنا مثلهم، وكذا حُكي عن ابن المحب الحافظ التسامح في ذلك، ويقول: كذا كنا صغارا نسمع، فربما ارتفعت أصواتنا في بعض الأحيان، والقارئ يقرأ فلا ينكر علينا من حضر المجلس من كبار الحفاظ كالمزي، والبرزالي والذهبي وغيرهم من العلماء، وذكر السخاوي قبل ذلك أن شيخنا -يعني الحافظ ابن حجر- سئل عمن لا يعرف من العربية كلمة فأمر بإثبات سماعه، وكذا حكاه ابن الجزري عن كلٍّ من ابن رافع وابن كثير وابن المحب، بل حكى ابن كثير أن المزي كان يحضر عنده من يفهم ومن لا يفهم -يعني من الرجال- ويكتب للكل السماع، وذكر أيضًا عند قول العراقي: "وقبلوا من مسلم تحملًا في كفره" ما نصه: "ومن هنا أثبت أهل الحديث في الطباق اسم من يتفق حضوره مجالس الحديث من الكفار رجاء أن يسلم، ويؤدي ما سمعه كما وقع في زمن التقي ابن تيميه أن الرئيس المطبب يوسف بن عبد السيد اليهودي الإسرائيلي سمع في حال يهوديته مع أبيه من الشمس محمد بن عبد المؤمن الصوري أشياء من الحديث، وكتب بعض الطلبة اسمه في الطبقة في جملة أسماء السامعين فأنكر عليه، وسئل ابن تيميه عن ذلك فأجازه ولم يخالفه أحد من أهل عصره بل ممن أثبت اسمه في الطبقة: الحافظ المزي، ويسر الله أنه أسلم بعد، وسُمي محمدًا، وأدى فسمعوا منه، وممن سمع منه الحافظ الشمس الحسين وغيره من أصحاب المؤلف -يعني العراقي- ولم يتيسر له هو السماع منه مع أنه رآه بدمشق، ومات في رجب سنة سبع وخمسين وسبعمائة". ا. هـ.