اعلم أن في تطلب أسانيد الكتب غاية للحكماء سامية، ألا وهي التشوف إلى الرجوع إليها ومطالعتها. فإن العاقل إذا رأى حرص الأقدمين على روايتها بالسند إلى مصنفيها علم أن لها مقاما مكينا في سماء العرفان فيأخذ في قراءتها، واقتباس الفوائد، والمعارف منها فيزداد تنورًا وترقيا في سلم العلوم، فإن العلم قوام العالم وعماد العمران وهو الكنز الثمين والذخر الذي لا يفنى.
ومن فوائد أسانيد الكتب: حفظها من النسيان والضياع؛ ومن فوائدها: نشر العلوم والمعارف وترويجها وإذاعتها بين الخاصة والعامة، لتقف عليها الطلاب ومنها: الترغيب والتشويق لمطالعة الكتب فإن الرغبة في المطالعة من أكبر النعم التي خص بها نوع الإنسان، ومن فوائدها الدلالة على اعتبار الأولين لكتب العلم والتنويه بشأنها، وتعظيم قدرها وإعلائها فإن كتبهم تحمل علومهم ومعارفهم وتذيعها في الخافقين وتقربها من طلابها ذانية القطوف، قريبة الجنا والمرء يفخر وينافس أقرانه إذا لقي