الأسطر من الدلالة على خطورتتها ما كان يمكن أن يؤدي بالقاسمي إلى المشنقة، أو إلى التنكيل القبيح.
وهكذا فإن القاسمي قد عاش الدستور وبعده، وهو هدف للاضطهاد، بسبب آرائه الحرة، وأفكاره الجريئة.
أما مظاهر حريته الكاملة فستراها حين بحث آرائه وأفكاره.
8- آراؤه وأفكاره:
في هذا البحث عناوين لبعض آراء القاسمي وأفكاره، والتقطتها من بعض كتبه دون استقصاء. وهذه العناوين التي كتبها بقلمه لا تغني عن الرجوع إلى أصول الأبحاث. وإنما تعطى فكرة عن عقل الرجل وتفكيره، فلقد كان يرى:
إن الدين مدرسة أخلاق1 وأنه يدعو للوحدة لا للتفرق2. وأن العقل حجة الله القاطعة البالغة، والنقل لا يأتي بما يناقض العقل3. وأن العلماء اتفقوا على أنه إذا تعارض العقل والنقل، أول النقل بالعقل4.
إن باب التناظر، والتحاور في المسائل مفتوح، حتى في مثل أخبار الصحيحين، وهي ما هي، وإن غل الفكر عن النظر والتأمل هو أعظم هادم لصرح التحقيق، فإن الحقيقة بنت البحث5.
وإن حرية العلم والتأليف قضت أن لا يبخل بفكر، ولا يضن برأي، لا على أن يهمس به همسًا، بل على أن يبث وينشر، ويصدع به في المجامع والجوامع ويجهر به على المسامع6.
إن تبين وجه الحق إنما هو بالوقوف على تفصيل المتنازع فيه وتحليله، وطرح كل ما سبق إلى القلب وغرس فيه، من تقليد أو تحزب أو تقية، أو حمية7 ...
وإن الحق ليس منحصرًا في قول ولا مذهب، وقد أنعم الله على الأمة بكثرة مجتهديها8.