وسبق في الثمرة التاسعة1 في بحث الصحيح شذرة من هذا البحث الجليل فتذكر.

وقد توسع فيه وأجاد صديقنا مؤلف كتاب أشهر مشاهير الإسلام2 بقوله تحت عنوان ما كل حديث تحدث به العامة، وندم أبي عبيدة على نقله الحديث لعامة الناس ما صورته: "كل مسلم أكتنه كنه الدين الإسلامي، ووقف على حكمه وأسراره، يرى من آياته العظمى في الترغيب، والترهيب، ما لو أحسن استعماله ووضع في موضعه، لكفى لإزعاج النفوس الشريرة عن مواطن الرذيلة مهما التصقت بها وأمعنت فيها، ولجعل النفوس البارة نورًا على نور، وألبسها من الفضيلة لباسًا لا يصيبه بلى، وقد جاء الكتاب الكريم بالترغيب ليكون باعثا للنفوس على العمل الصالح رجاء الثواب الأخروي الذي أعده الله لعباده الصالحين لا ليكون لاستدراج النفوس في مدارج الاستباحة طمعًا في عفو الله لهذا جاء بإزاء الترغيب بالترهيب لترسم على صفحات النفوس صورة العقاب، كما ارتسمت صورة الثواب فيكون لها منها داع إلى الخير يذكرها بالثواب، ويمكن منها الرغبة فيه لا إلى حد الطمع، والغرور ثم الاستدراج في الشرور وزاجر عن الشر يذكرها بالعقاب، ويمكن منها الرهبة منه لا إلى حد الانقطاع إلى تقويم أود النفس وتعطيل وظائف الحياة ولا إلى حد اليأس والقنوط ثم الاسترسال في الشهوات واقتراف المنكرات على ذلك الأساس بني الترغيب والترهيب في الإسلام وكل ما جاء منه في الحديث النبوي فالمراد منه عين ما أراده القرآن، ولكن ما الحيلة وقد أولع كثير من علماء المسلمين بالإفراط في الوعظ ترغيبًا وترهيبًا وحملوا عامة الناس على طريقتهم في فهم الدين فأكثروا من حمل الحديث وروايته دون التفهم له والعلم بمقاصده ووضع كل شيء منه في محله، والتفريق بين صحيحه وموضوعه حتى أغروا العامة بعقيدة الإباحة لكثرة ما يروون لهم من أحاديث الترغيب ولو موضوعه كفضائل الصيام والصلاة وفضائل الشهور والأيام وفضائل التلاوات وجلها -إن لم نقل كلها- من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015