عَلَى الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ وَأَتْبَاعِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْأَتْقِيَاءِ، وَيَنْهَوْنَ مَنْ يَصْحَبُهُمْ عَنْ السَّمَاعِ مِنْ الْفُقَهَاءِ، لِعِلْمِهِمْ بِأَنَّ الْفُقَهَاءَ يَنْهَوْنَ عَنْ صُحْبَتِهِمْ وَعَنْ سُلُوكِ طَرِيقِهِمْ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُصُولَ أَنْوَاعٌ أَحَدُهَا. الْخَوْفُ وَهُوَ نَاشِئٌ عَنْ مَعْرِفَةِ شِدَّةِ الِانْتِقَامِ.
النَّوْعُ الثَّانِي: الرَّجَاءُ وَهُوَ نَاشِئٌ عَنْ مَعْرِفَةِ الرَّحْمَةِ وَالْإِنْعَامِ.
النَّوْعُ الثَّالِثُ: التَّوَكُّلُ وَهُوَ نَاشِئٌ عَنْ مَعْرِفَةِ تَفَرُّدِ الرَّبِّ بِالضُّرِّ وَالنَّفْعِ وَالْخَفْضِ وَالرَّفْعِ، وَالْعَطَاءِ وَالْمَنْعِ، وَالْإِعْزَازِ وَالْإِذْلَالِ، وَالْإِكْثَارِ وَالْإِقْلَالِ.
النَّوْعُ الرَّابِعُ: الْمَحَبَّةُ وَلَهَا سَبَبَانِ أَحَدُهُمَا: مَعْرِفَةُ إحْسَانِهِ وَعَنْهَا تَنْشَأُ مَحَبَّةِ الْإِنْعَامِ وَالْإِفْضَالِ، فَإِنَّ الْقُلُوبَ مَجْبُولَةٌ عَلَى حُبِّ مَنْ أَنْعَمَ عَلَيْهَا وَأَحْسَنَ إلَيْهَا فَمَا الظَّنُّ بِمَحَبَّةِ مَنْ الْإِنْعَامُ كُلُّهُ مِنْهُ وَالْإِحْسَانُ كُلُّهُ صَادِرٌ عَنْهُ.
السَّبَبُ الثَّانِي: مَعْرِفَةُ جَمَالِهِ وَعَنْهَا تَنْشَأُ مَحَبَّةِ الْجَلَالِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُحِبِّينَ أَفْضَلَ مِنْ كُلِّ مَحَبَّةٍ إذْ لَا إفْضَالَ كَإِفْضَالِهِ، وَلَا جَمَالَ كَجَمَالِهِ.
النَّوْعُ الْخَامِسُ: الْحَيَاءُ وَهُوَ نَاشِئٌ عَنْ مَعْرِفَةِ نَظَرِهِ إلَيْنَا وَاطِّلَاعِهِ عَلَيْنَا فَمَنْ حَضَرَتْهُ هَذِهِ الْمَعْرِفَةُ اسْتَحْيَا مِنْ نَظَرِهِ إلَيْنَا وَاطِّلَاعِهِ عَلَيْنَا، فَلَمْ يَأْتِ إلَّا بِمَا يُقَرِّبُهُ إلَيْهِ وَيُزْلِفُهُ لَدَيْهِ، وَلَا يَأْتِي بِمَا يُبْعِدُهُ مِنْهُ وَيُنَحِّيهِ عَنْهُ.
النَّوْعُ السَّادِسُ وَالسَّابِعُ: الْمَهَابَةُ وَالْإِجْلَالُ وَمُنْشَؤُهُمَا مَعْرِفَةُ جَلَالِهِ وَكَمَالِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ مَهَابَتُهُ وَإِجْلَالُهُ، أَعْظَمَ مِنْ كُلِّ مَهَابَةٍ وَإِجْلَالٍ إذْ لَا إجْلَالَ كَإِجْلَالِهِ وَلَا كَمَالٍ كَكَمَالِهِ.