وأما حرف بل فمعناه الاضراب عن الأول والإثبات للثاني1 كقولك ضربت زيدا بل عمرا وجاءني عبد الله بل أخوه.
واما حرف لكن فهى للاستدراك بعد النفى2 كقولك ما جاءني زيد لكن عمرو ما رأيت رجلا لكن امراة وقد يدخل النفى بعد اثبات كقولك حاءني زيد لكن عبد الله لم يات وقيل لترك قصة إلى قصة وفيه كلام كثير للنحاة.
واما حرف لو فيدل على امتناع الشيء لامتناع غيره3 تقول لو جئتنى لحييتك.
وأما لولا فتدل على امتناع الشىء لوقوع غيره4 نقول لولا أنك جئتنى لحييتك وقد تكون لو بمعنى أن قال الله تعالى: {وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ} [البقرة: 221] أي وأن اعجبتكم وقد تفيد معنى التقليل كقوله صلى الله عليه وسلم: "اتقوا الله ولو بشق تمرة" 5.
فأما الحروف اللازمة لعمل الجر وهي من وإلى وفي والباء واللام فنقول أما من فمعناها ابتداء الغاية6 يقال سرت من الكوفة إلى البصرة وهذا الكتاب من فلان إلى فلان وهذا باب من حديد يعنى ابتداء عمله من حديد قال سيبويه قد تكون للتبعيض مثل قولهم هذه الخرقة من الثوب وهذا الرجل من القوم وقال غيره من حيث وجدت كانت لابتداء الغاية وقوله أخذت من ماله فقد جعل ماله ابتداء غاية وأخذ وإنما دل على البعض من حيث أنه صار ما بقى انتهاء له فالأصل واحد وكذلك قوله أخذت منه درهما وهذا كلام النحويين فيما بينهم فاما الذي تعرفه الفقهاء فهو لابتداء الغاية والتبعيض جميعا7 وكل واحد في موضعه حقيقة وقد ورد مثله يقال ما جاءني من أحد قال الله تعالى: {يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ} [نوح: 4] .