ولثمانية أشهر وأحد عشر يوما من العاشرة: مات عمه أبو طالب، فاشتد حزنه، ثم بعده بثلاثة أيام ماتت خديجة (?)، وكانت له وزير صدق، فتضاعف حزنه (?).
فلما مات أبو طالب .. نالت قريش من رسول الله صلّى الله عليه وسلم ما لم تكن تطمع به في حياة أبي طالب؛ حتى اعترضه سفيه من سفهاء قريش، فوضع على رأسه ترابا (?)، وطرح بعضهم على ظهره رحم الشاة وهو يصلي (?)، وكان بعضهم يطرحها في برمته (?) إذا نصبت له (?)، وجميع ذلك إنما هو أذى يتأذى به مع قيام العصمة لجملته؛ ليناله حظه من البلاء، وليتحقق به مقام الصبر الذي أمر به كما صبر أولو العزم من الرسل.
ولثلاثة أشهر من موت أبي طالب خرج صلّى الله عليه وسلم إلى ثقيف أهل الطائف وحده، وقيل: كان معه زيد بن حارثة، فأقام بها شهرا يدعوهم إلى الإسلام، فردوا عليه أقبح رد، واستهزؤوا به وأغروا به سفاءهم وعبيدهم يسألونه ويصيحون خلفه حتى ألجئوه إلى ظل حائط لعتبة وشيبة ابني ربيعة وكانا حينئذ هناك، فأرسلا إليه بطبق عنب مع غلامهما عدّاس فسأله صلّى الله عليه وسلم عن دينه وبلاده، فقال: إنه نصراني من أهل نينوى، فقال صلّى الله عليه وسلم: «من قرية الصالح يونس بن متّى؟ » فقال له عداس: وما يدريك؟ فقال صلّى الله عليه وسلم: «ذاك أخي، هو نبي وأنا نبي»، فقبل عداس رأسه ويديه ورجليه (?).
وانصرف صلّى الله عليه وسلم من الطائف راجعا مهموما مغموما، فلما بلغ قرن الثعالب وهو قرن المنازل .. أتاه جبريل ومعه ملك الجبال، واستأذنه أن يطبق عليهم الأخشبين وهما