فلما مات المبرد .. يقال: إن ثعلبا تتبع كتبه، وخطأه في كثير من الأبيات التي استشهد بها، وتبجح بذلك فقال: [من الوافر]
رددت على المبرد ألف بيت
ثم أحصر عن إتمام البيت، فرأى المبرد في المنام وهو يقول: [من الوافر]
كذاك الحي يغلب ألف ميت
فاستيقظ، وندم على ما صدر منه وبلّ ما كتبه من ذلك.
حكي أنه دخل على المبرد رجل، فأراد القيام له .. فقال: أنشدك الله أبا العباس إن قمت، قال: فلمن أخبأ قيامي وأنشد: [من المتقارب]
إذا ما بصرنا به مقبلا … حللنا الحبا وابتدرنا القياما
فلا تنكرن قيامي له … فإن الكريم يجلّ الكراما
ولد المبرد يوم الاثنين سنة عشر-أو سبع-ومائتين، وتوفي يوم الاثنين سنة خمس وثمانين ومائتين.
فلما مات .. قال فيه ثعلب ابن العلاف: [من الكامل]
ذهب المبرد وانقضت أيامه … وليذهبن إثر المبرد ثعلب
بيت من الآداب أصبح نصفه … خربا وباقي بيت تلك سيخرب
فابكوا لما سلب الزمان ووطّنوا … للدهر أنفسكم على ما يسلب
وتزودوا من ثعلب فبكأس ما … شرب المبرد عن قريب يشرب
وأرى لكم أن تكتبوا أنفاسه … إن كانت الأنفاس مما يكتب
قال الشيخ اليافعي: (وهذه الألفاظ جميعها لفظه إلا لفظ «بيت تلك سيخرب» فإني أبدلته عن قوله: «وباقي بيتها فسيخرب» كراهية لإدخال الفاء في «سيخرب» وإن كان مما يتجوز فيه، فإن وزان لفظه نحو قولك: زيد قام، وأخوه فسيقوم، ووزان لفظي: قام زيد، وأخوه سيقوم، وهذا هو الجائز على قاعدة العربية) اه (?)