وتخال الصُّبح حين بدا ... راهبًا بالمسح متَّشحا
وغصون الدَّوح مائلة ... في نواحي رزضها مرحا
كلَّما طلَّت خمائلها ... مال سكرًا بانها وصحا
وإذا ناحت حمائمها ... هاجت الأشواق والبرحا
فاسقينها يا نديم فقد ... قهقه الإبريق إذ رشحا
واقتبس من نروها قبسًا ... فزناد الدَّنِّ قد قدحا
بنت كرم كلَّما سكبت ... خلت برقًا في الدُّجى لمحا
صوِّبت في كأسها فغدا ... نشرها كالمسك إذ نفحا
لم يدع فيها الزَّمان على ... مرِّه من روحها شبحا
وإذا طاف السُّقاة بها ... خلتها في الكأس شمس ضحى
/ 232 أ/ وأنشدني لنفسه ما كتبه إلى صديق له يلقب بالجمّال يتشوقه:
[من المتقارب]
سلام شج مدنف القلب بال ... براه التَّفرُّق بري الخلال
يجنُّ إذا ما دجا ليله ... ويرقب في النَّوم طيف الخيال
فما شاقه عذبات الغوير ... [وما بالحمى من] ذوات المطال
ولا شااقه شادن أهيف ... بلين القوام وبيض الحجال
ولكن تذَّكر أيَّامه ... وعيشًا تقضَّى بقرب الجمال
معيني على نكبات الزَّمان ... وذخري على النًّائبات العضال
وكنزي وحرزيي وعزِّي إذا ... توالت عليَّ صروف اللَّيالي
أيا صاحبي ددون كلِّ الصِّحاب ... ويا عدَّتي في الورى يا أمالي
سقى الله دهرًا نعمنا به ... وعود الصَّبا خضل الغصن حالي
لهونا بكلِّ رشيق القوام ... وغضِّ الصِّبا حسن الاعتدال
عليل اللِّحاظ بديع الجمال ... رخيم التَّثنِّي مليح الدَّلال
إذا ما انثنى فقضيت وإن ... أماط اللِّثام فوجه الهلال