فرحمة الله تغشى روح جامعه ... مدى الدُّهور مع الأبرار والشهُّدا
وأنشدني قال: أنشدني لنفسه: [من الطويل]
سلام عليكم كلَّ وقت فإنَّني ... أتوق إلى تلقائكم وأودُّه
وأوثر تخفيفًا مع الشَّوق دائمًا ... خلاصة قلبي ملككم وهو ودُّه
وأنشدني قال: أنشدني لنفسه: [من السريع]
صبرًا على الفقر لتحظى بما ... قد ناله خير رجال السَّلف
فالفقر خير من غنى مقتر ... أدَّى إلى الكبر وقبح الصَّلف
[279]
عبد الرَّحمن بن يوسف بن عبد الرحمن بن عليِّ بن محمد بن عبد الله بن الجوزيِّ، أبو الفرج بن أبي محمد:
من البيت المشهور بالعلم والدين والتصنيف في كل فن من الفقه، والتفسير، والحديث، والوعظ، والتاريخ، وأيام الناس.
وأبو الفرج هذا ربي في حجر والده، فتأدب بآدابه، وبحلو أخلاقه، وتحلّى بحليته، / 213 أ/ واتصف بصفته، وحذا حذوه، وسلك طريقته الواضحة، واقتدى بأفعاله الصالحة، ونابه في الحسبة، ثم استقل بها، وخلفه في التدريس في المدرسة المستنصرية، فقام مقامه، وسدّ مسدّه، وكان أذن له في الوعظ في الأيام الظاهرية، وعمره إذ ذاك ثماني عشرة سنة.
وكان يجلس في كل أسبوع يومًا، ويحضره الخلق الكثير، واستمر ذلك وصارت له الملكة التامة، واليد الطولى في الوعظ، وهو مليح العبارة، لطيف الإشارة، حسن