وكان من أعلم الفقهاء المالكية في زمانه، رأسًا في الفقه، وفي غيره من العلوم الدينية، وكان مفتي الإسكندرية في وقته، وسمع الحديث النبوي كثيرًا، مع نظره في علم الأدب واللغة، ومعرفة القرآن والقراءات والتفسير، وتشدُّ إليه الرحال في زمانه، وصنف كتابًا في علم القرآن سماه "العنوان".
وخبّرت أنه توفي سنة أربع وثلاثين وستمائة ولي منه إجازة كتبها إليّ من ثغر الإسكندرية، وأنا مقيم بإربل –رحمه الله تعالى-.
قال أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد المجيد بن الصفراوي الإسكندري، يمدح الفقيه الحافظ أبا طاهر أحمد بن محمد السِّلفي نثرًا:
[كان] ممَّا ينتقده ديوان المفاخر صحفًا، [ومما] يتقلَّده منكب المعالي مرهفًا، وتقصر عنه أنفاس المدائح، وتستفتح له سرائر القرائح، ويتعين على الأعيان نظمه ونثره في ترصيع لآليء أوصاف سيدَّنا عقودًا، ووشي مناقبه برودا، وتحبير ما ضاق الزَّمان عن حصره انتفاعًا، وتدوين ما لم تبلغ شاو وصفه/ 206 ب/ الشُّهب ارتفاعًا، حتى استوى في العجز عن إدراك حصر أوصافه، والقصور عن الإحالة ببعض أطيافه، اللَّسن المسهب، والمكثار المطنب، والعجز الآخر، والحصر القاصر، إذ كان حافظ نظام الشَّريعة، وخير هذه الملَّة الرفيعة، وبيده حلُّ إحكام هذا الدِّين وعقده، وإليه ألقي نظامه وعقده، فهو عين الَّزمان، وأوحد الأنام، وإمام الأئمة، ولسان السُّنًّة، وإشراق شمس الهداية، وفريد علم الرِّواية: [من الكامل]
سمحت به العلياء وهي بخيلة ... وبمثله من حقِّها أن تبخلا
ألفته رحب الباع آخر سيِّد ... منّا وفي سبق المعالي أوّلا
لمَّا سما شرفًا ومحض جلالًة ... لم يرض منزلة السِّماك الأعزلا
كن كيف شئت فمفضل أو فاضل ... ومتى ارتقيت إلى المديح تبدَّلا