تركانشاه البغدادي الكاتب، عن مصنفها، واتصل بأخرة بالملك المعظم شرف الدين عيسى بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب، صاحب دمشق، ولم يزل منقطعًا إليه إلى أن توفي بدمشق، يوم الجمعة في العشر الأولى من ذي الحجة/ 190 ب/ سنة تسع عشرة وستمائة، عن ستّ وستين سنة، وكانت ولادته في سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة.

وكان مشغوفًا بشرب الخمر، مفتونًا بها، منعكفًا عليها، إلى حين مماته، وكان نزقًا، مرّ المذاق، شرس الأخلاق، جافي الطباع، غليظ الجواب، يخاطب من يستنشده شعره خطابًا بشعًا، ولا ينشده من شعره غير مرّة واحدة، كذا كانت شيمته مع الناس، وكان يحتمل لفضله وموضعه من الأدب، وديوان شعره يدخل في مجلدين كبيرين.

أنشدني أبو بكر محمد بن نصر الله النابلسي الشاعر قال: أنشدني أبو محمد عبد الرحمن بن بدر النابلسي لنفسه، يمدح الملك المظفر تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب بن شاذى –رضي الله عنه-[من المنسرح]

زار وسيف الصَّباح مسلول ... واللَّيل ملقى لديهمقتول

معفر خدُّه ومن دمه ... قان على المشرقين مطلول

والأنجم الزُّهر في مواكبها ... منهزم داهش ومذهول

/ 191 أ/ كأنَّها والصَّباح يلفتها ... قسرًا إلى الغراب أعين حول

فالنَّسر يهوي كأنَّه ملك ... وللثُّريا عليه إكليل

والرٌّمح رمح السِّماك منحطم الـ ... ـقناة والحدُّ منه مفلول

والقطب قطب الشَّمال معتقل ... في أوجه كالأسير مكبول

وقد تغنّى لجاشريته ... ديك له في الغناء ترتيل

حيَّ على مجلس الصَّبوح إذا ... كان له بالصَّباح تكميل

زار وقد رنَّحت شمائله ... راح بها راح وهو مشمول

أهيف عذب الرُّضا قامته ... وثغره عاسل ومعسول

قام ينادي وعطفه ثمل ... وطرفه بالنُّعاس مكحول

قم يا نديمي إلى الصَّبوح فما ... عذر مخلِّي الصَّبوح مقبول

طور بواسطة نورين ميديا © 2015