نفسه بضاعة الشعر, ونظم منه ما استحلاه الأدباء, واستملحه الفضلاء.
وفيه ذكار حسن, وله بديهة جيدة إلّا أنه كثير الإعجاب بقوله لا يرى أحدًا فوقه من أبناء زممانه يطرب إذا أنشد أشعاره في وصفها والثناء عليها, والإسهاب في نعت معانيه, والمدح لجودة ألفاظه ومعانيه.
ومن شعره ما أنشدني لنفسه مبدأ قصيدة: [من الكامل]
وحياة ووجهك لا أردت بديلا ... أبدًا عليك ولا أطعت عذولا
ديني هواك فكن بهذا واثقًا ... من يشتهي عن دينه تحويلا
يا منكرًا سفك الدِّماء بلحظه ... يكفيك خدُّك شاهدًا ودليلا
والله ما أرضاك أمرٌ في الهوى ... إلَّا وكان على الرَّضا محمولا
بأبي غزال لم يزل بصدوده ... سمحًا عليَّ وبالوصال بخيلا
/227 أ/ وأغنَّ ما للكحل في أجفانه ... خطٌّ وتحسب جفنه مكحولا
حنق اللِّحاظ على القلوب كأنَّما ... قتلت لعينيه القلوب قتيلا
في خصره معنًى دقيقٌ لم يزل ... خطب الغرام به عليَّ جليلا
ووراءه ردفٌ ثقيلٌ زادني ... عبئًا على عبء الصُّدود ثقيلا
عقد البنود فما رآه حازمٌ ... إلا وأصبح عزمه محلولا
وتقلَّد السَّيف المهنَّد مغمدًا ... وسطا بسيف لحاظه مسلولا
أمسى قليل الحظِّ منه وما أرى ... حظِّي من العذَّال فيه قليلا
وأنشدني أيضًا لنفسه: [من الوافر]
تظنُّ الحبَّ سهلًا يا خليلي ... وتحسب ناره نار الخليل
وما تدري بما يلقى محبٌّ ... من الأحزان في اللَّيل الطَّويل
أما من منصف من جور ظبيٍ ... على قتل الضَّراغم مستطيل
أشدُّ عليَّ من شوق عزيز ... رأي حكمًا على دمعٍ ذليل
وأحكم فيَّ من نوب اللَّيالي ... وجور الدَّهر في مال البخيل
معنِّفتي على سقم بجسمي ... دعيني ما يهمُّك من نحولي
أما والحسن خلفه مستهامٍ ... بورد الخدِّ والطَّرف الكحيل