[988]
يوسف بن محمَّد بن عليِّ بن شفاعة بن الحسين، أبو العزِّ الموصليُّ.
شاب قصير أسمر خفيف اللحية، ينجّم ويبيع الشربات ويعقد الحلق على الطريق؛ وهو ذو لسان ذرب، وجرأةٍ في الكلام، ومع ذلك هو من أطبع الناس ألفاظاً، وأطيبهم فكاهةً، وأحسنهم مزاحاً، يحفظ صدراً وافراً من الأشعار المستطرفة والحكايات النادرة، واعتنى بقول الشعر، فنظم منه مقطعات صالحة، تتضمَّن أغراضاً حسنة.
ومما أنشدني لنفسه بالموصل: [من الكامل]
مولاي مسألةٌ هلمَّ جوابها ... يا قدَّ غصنٍ يا لحاظ الربرب
ما بال ثغرك وهو أنفس لؤلؤٍ ... وأراه حلَّ بريقك المستعذب
أتراه صار كماء خدِّك إذ غدا ... متحيِّراً فوق السَّعير الملهب
وتقدَّح الرَّيحان في جنباته ... فلذاك زاد تحيُّري وتعجُّبي
وأنشدني أيضاً لنفسه: [من مخلّع البسيط]
لو قال لي خالقي تمنَّى ... لقلت قول امرئٍ محقِّ:
أريد في صبح كلِّ يومٍ ... تجعل يا ربِّ كلَّ رزقي
كوز مدامٍ ورطل لحمٍ ... ومنَّ خبزٍ وجذر علق
وصاحباً لا يذيع سري ... يصحبني مخلصاً بصدق
حتَّى إذا ما دنت وفاتي ... تصفح عن زلَّتي وفسقي
وأنشدني أيضاً قوله: بمن الطويل]
إذا طار شيطان الهموم بمهجتي ... يروم استراق اللَّهو منِّي ويهرب
عدلت إلى كرخيَّة عنبيَّةٍ ... ففاجأه من سورة الكأس كوكب
وأنشدني لنفسه: [من المتقارب]
لقد حرت في سوء حظِّي المشوم ... وما قد رماني به خالقي