ذات جيدٍ إن بدا تحسبه ... قزحاً إثر سحاب هاطلات
لم تزل ترسل ما تكرعه ... من سقاءٍ أوكأته اللَّهوات
واستدارت والهوى يقتادها ... أغلب الشَّوق اشتياق الأمَّهات
بان مرتاداً لها في مرقبٍ ... ولأفراخ القطا منها بيات
وارتوت من دمها مقصعةً ... يا لأفراخ عليها ثاكلات
أنا أولى منك بالحزن على ... فقد أيَّام الشَّباب السَّالفات
أعد السَّجع فإنّي دنفٌ ... وأعر سمعي تلك النَّغمات
إن يكن شجوك من فقدٍ لها ... فكذا الدُّهر اجتماعٌ وشتات
منصفيٌّ تدعي الزُّهد وقد ... علقت منك أكفُّ الشَّهوات
وبفوديك مشيبٌ ناصعٌ ... لك فيه لو تذكَّرت عظات
أسأل الله إليه توبةً ... قابل التَّوب مجيب الدَّعوات
وعلى المختار من صفوته ... أحمد الطَّاهر أزكى الصَّلوات
[986]
يوسف بن محمَّد بن محمود بن عبيد الله بن محمَّد بن يوسف بن الملثَّم.
كان شاباً ذكياً متوقداً له خطّ حسن، وترسل قريب، وشعر مطبوع. وكان بذيء اللسان خبيثه، كثير الهجو، أفحش شعراء زمانه هجواً. وكانت له اليد البيضاء في الهجاء نظماً ونثراً. وكانت فيه قحة وقلّة حياء.
هجا الناس ونفسه وأباه وإخوته وأقاربه. وكان أبوه من بلاد المغرب تولّى قضاء طبريّة من بلاد الشام مدّة.
ومولد يوسف بدمشق، ونشأ بسميساط وبها توفي في حدود سنة ستٍّ وعشرين وستمائة. ولم يكن عمره غير خمس وعشرين سنة لا مزيد على ذلك؛ وله