وكان يعمل السكاكين والمغازل وغيرها بيده، ويأكل منها، وحجّ إلى بيت الله الحرام. وكان رجلاً عاقلاً يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، وجوّد القرآن على الشيخ أبي بكر عبد الله بن عبد الرحمن بن علي بن عبد الرحمن بن حبّان الحراني الإمام المقرئ، وسمع عليه تجويد الشيخ أبي الكرم فتيان بن ميّاح بن أحمد بن سليمان الحرّاني.
وكان شيخه في التصوف الشيخ أبو محمد عبد الله بن سليمان بن يحيى بن حسان صاحب الشيخ عتيق بن علي- رحمه الله تعالى- وسمع الحديث الكثير بدمشق وبغداد وحرّان. وبنى المسجد الذي كان يعرف به عند داره، واشترى له ملكاً، وأراد أن يزيد فيه فأدركه الموت ولم يشتر بماله ولكن بجاهه ووساطته، فكان يقرئ قوماً من أولاد الأمراء. وسمع فيما سمع بحرّان على أبي الثناء حماد بن هبة الله الحرّاني، والحافظ أبي محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي، وأبي زكريا يحيى بن أبي الفتح بن عمر الطباخ.
وانتقل أبو محمد عبد القادر بن عبد الله إلى جوار يوسف السكاكيني، وبنى إلى جانب مسجده داراً وسكنها حتى مات. وكان يسمع الناس في المسجد الذي يصلي فيه يوسف.
ثم أورد له قصيدةً طويلة لامية عدد أبياتها مائتان وأربعة عشر بيتاً يرثي بها الشيخ الفقيه الإمام الموفق أبا محمد عبد الله بن قدامة المقدسي- رحمة الله عليه- شيخ الحنابلة في وقته بدمشق، ذكر فيها معجزات النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر فيها فضائل الشيخ الموفق المقدسي، وبعث بها إلى دمشق إلى الفقيه عبد الوهاب بن زاكي بن جميع الحرّاني- رحمهما الله تعالى- هذا آخر كلام محاسن.
أنشدني الشيخ المفيد أبو حفص عمر بن مكيّ بن سرجا بن محمد المقري القلانسي الحلبي بها يوم الجمعة العشرين من المحرم سنة ثمان وثلاثين وستمائة، قال: أنشدني الشيخ الصالح أبو المظفر يوسف بن فضل الله بن يحيى الحراني- رحمه الله تعالى- لنفسه في صفر من سنة إحدى وعشرين وستمائة بحرّان هذه القصيدة في الزهد ويمدح النبي صلى الله عليه وسلم: [من الوافر]