وكانت ولادته بتكريت في مستهل المحرم منة إحدى وثلاثين وخمسمائة، وتخرج به عالم كثير من التلامذة.

وكان شيخاً كيساً لطيفاً في محاورته، ظريفا في مجالسته، حسن الإيراد مليح العبارة، ذا وقار وسكينة وهيبة؛ وله من التصانيف كتاب "تفسير القران العزيز" ينيف على عشرين مجلداً، وكتاب "الحقير الناقع على مذهب إبن شافع" وكتاب /232 أ/ "اللُّهنة في إزالة اللكنة" في النحو، وكتاب "التقريب في بضاعة الأديب" في صناعة الشعر، وكتاب في "العروض والقوافي"، وكتاب "الاختصاص في التاريخ الخاص" يدخل في ست مجلدات قصره على ذكر مشايخه الذين قرأ عليهم وتلامذته الذين قرأوا عليه، وأتبعه بذكر أقاربه وأهلة وأشعار ورسائل ومكاتبات إلى أصدقائه في المنظم والنثر وغير ذلك.

ومن شعره ما أنشدني ولده شرف الدين أبو محمد عبد الو هاب بن يس التكريتي بالموصل في سنة اثنتين وعشرين وستمائة - رحمة الله - من لفظة وحفظة، قال: أنشدنا والدي لنفسه هذه الأبيات كتبها في صدر رسالة طويلة أنفذها إلى بعض الكبراء:

[من الطويل]

ألمَّ وغربيب المدُّجنَّة مغدف ... خيال سليمى طارقاً يتعسَّف

نفانف لا يقطعن بالعيس كلَّما ... مضى نفنف منها تعرَّض نفنف

/232 ب/ هجولاً تناصيها الهواجل ما بها ... أنيس سوى جنٍّ تجول وتعرف

وربد وعور هادجات ونعب ... وبوم إذا ما جنَّه اللَّيل يهتف

وقد هاج صرٌّ والسَّماء عرية ... عشَّية ليل يومه ظلَّ ينطف

فساور عول البيد غير مخادرٍ ... وناكر هول اللَّيل لا يتخوَّف

على حين حلَّ الحيُّ منها بواحف ... ومن دونها مجهولة ليس تعرف

والت سليمي حلفةً ما تحلّها ... بأن لا تزال الدَّهر تجفو وتصدف

ونائي القلي شرُّ البعادين مطلباً ... لأن المطايا قطعة لا تكلَّف

فجاب الفلا بعد الفلا متعسَّفاً ... ومن أين يدرى ما الفلا والتعسُّف

إلى مدنف مضًنى ليهنا رقاده .. وقد كاد يضنه الضَّنى والتَّأسف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015