وعرف كيف تتفاوت قيم الرجال، واجتلى تلك العقيلة التي فتنت العقول، وفعلت بالألباب ما لا تفعله الشَّمول، وحكمت لقائلها بالبلاغة على كل من يقول شعراً، وبالتفصيل على كل من ينظم درّاً.
وجرأه الحسد علي التعرض للجواب، ولو ساعده التوفيق لكان إقراره بالعجز عن مجاراتها هو /207 أ/ عين الصواب، ثم أطمعه في التصيُّد من بحرها علمه بأن المولى غريم كريم لا يناقش في الحساب. ويتقن أنَّ الله - سبحانه - يؤتي الحكمة من يشاء من عباده، وأنَّة قد أجزل مها إرفاد المولى فلا عار على أوليائه في استرفاده:
[من الطويل]
ويعجبني فقري إليك ولم يكن ... ليعجبني لولا محبتُّك الفقر
فظل المملوك منكراً، وقال مقصراً معتذراً - ثم اتّبع ذلك بهذه الأبيات -:
[من الخفيف]
يا نسيم الصَّبا أثرت غراماً ... في فؤادي فزدتني أسقاماً
يا نسيم الصَّبا لقد شفَّ قلبي ... منك وجد عصيت فيه الملاما
فتعمد مسرَّتي واعدلي ... ذكر مولًى أهدى إلى السَّلاما
خصَّني منه منعماً بكتاب ... حين وافي قبَّلته إعظاما
ففضضت الختام عنه كأنِّي ... عن رحيق إذا فضضت الختاما
ولثمت النِّقس الذي ضمَّخت بالـ ... ــــــمسك منه الأنامل الأقلاما
وترشفته فدار على الافـ ... ـــــــهام منه ما أطرب الأفهاما
/207 ب/ قساًما خميلة جادها الطَّـ ... ـــــــلُّ فشقَّت ازهارها الأكماما
لا ولا روضة بحزن بكي المز ... ن عليها فاتبعته ابتساما
لا ولا الدُّر نظَّمته عقوداً ... في نحور ايد تجيد النظاما
عند ذي اللُّب منه أحسن مرأى ... حين يبدو له وأسنى مراما
رقمته كفُّ الكمال فحاز الـ ... ـــــــحسن في طِّيه كمالاً تماما