إذا كنت لا ابغي لرقِّي مالكاً ... سواك ولا ألوك في طاعةٍ جهدا
وأنشدني لنفسه متغزلاً: [من السريع]
/203 ب/ يا قمراً يختال في حلَّة ... وقيت من عيني بعين الله
سيف بألحاظك لم سلَّه ... على دم العشَّاق من سلَّه
وورد خدَّيك علي فتنتي ... أظنُّه دلُّك قد دلَّه
بعثت خطّاً منك مضمونة ... يضرم من نار الهوى شعلة
تلثم لي الأرض وأنِّي إلى ... لثم ثناياك لذو غلَّه
قبِّل فمي تحيي بها مهجتي ... فالأرض ما تصنع بالقبله
فالشوق بي نحوك لو بعضه ... حلَّ برضوى لم يطق حملة
ووصلة الوحشة بي لم تدع ... بين جفوني والكرى وصلة
فهل مزار منك يدنو لنا ... يا ليت شعري والمنى ضلَّه
واهاً ليوم فيه يقضى لنا اجـ ... ـــــــتماع شمل بك واهاً له
وأنشدني لنفسه، وكان الملك العزيز قد توجّه إلى قنسرين، فخرج أبو جعفر بعده قاصداً خدمته، وأمسي عليه المساء فبات بقريةٍ للصاحب كمال الدين/ 204 أ/ أبي القاسم عمر بن احمد بن هبة الله بن أبي جرادة الفقيه الحنفي، وتسعى القرية قذار، فكتب إليه منها: [من الوافر]
كمال الدِّين يا من طال فرعاً ... وطاب أرومةً وزكا نجارا
ويا بحرً خضّماً لا يفيد الـ ... ـــــعفاة بدرِّه إلاِّ كباراً
ويا مولى أرى إنفاق عمري ... إذا فارقت خدمته خسارا
مسيري عن جنابك عاض أنسي الـ ... ــــذي أدناه قربك لي نفاراً
وغادر لي فؤاداً مستهاماً ... وقلباً من فراقك مستطاراً
واحشاءً مقلقلة وعيناً ... مؤرَّقة وأنفاساً حراراً
ولمَّا لم أطق للبين حملاً ... وأضرم في حشاي الشوق ناراً
أتيت (قذار) استشفي ثراها ... واستجدي سكوناً واصطبارا
وآخذ عنكم أثراً فيهدي ... إلي قلبي هدوّاً أو قرارا
فزادتني بذكراكم غراماً ... وظلت بها مساءً وابتكارا