وقفل عليه الباب، فسمع شخصًا من المدرسة، يقول: قتل العرَّماني إثنين، فخاف على نفسه الصلب، فذبح نفسه! وبقي على صلاة الصبح، فجاء غلمان الوالي، فكسروا /222 أ/ الباب، وألقوه من دركاة المدرسة، فبقى إلى ضاحي نهار يوم الإثنين، ثم دفنوه بمقبرة الجبيل وذلك في سنة خمس وأربعين وستمائة – سامحه الله تعالى- وعمره يومئذ في حدود الربعين أو نيّف عليها بيسير.

وما أنشدني لنفسه، وكتبه لي بخطّه: [من الكامل]

يا صاح دع عذل العوا ... ذل في معتَّقة الرَّحيق

صرفًا تلهًّب في الكؤو ... س كأنها لهب الحريق

ممَّا تخيَّرها المسيـ ... ـــــــــــــح ذخيرةً للجاثليق

وكأنَّها ذوبٌ من الـ ... ـــــــــــياقوت لا ذوب العقيق

يسعى عليك بها غزا ... لٌ كالغزالة في الشروق

رشاٌ رشيق قوامه ... أحلى من الغصن الرَّشيق

جلَّت بدائع حسنة ... عن وصف ذي الذِّهن الدَّقيق

لك كلَّما نادمته ... سكران من خمر وريق

أوما ترى وشي الرُّبى ... أربي على الوشي الأنيق

كم فيه من زهر يرو ... ق الطَّرف في غصن وريق

/222 ب/ لمَّا تخلَّله النَّسيـ ... ــــــــــــم ومسَّه مسَّ الشَّفيق

لثمت ثغورٌ للأقاح ... به خدودًا للشقيق

وتأرَّجت نفحاته ... كتأرُّج المسك السًّحيق

وكأنَّ نرجسه مدا ... هن من لجين للخلوق

وكأنَّ زهر بهاره ... العقيان أو خدُّ المشوق

والجوُّ في حلل مطرًّ ... زة بمذهبه البروق

فاشرب وصل منها صبو ... حك كلَّ يوم بالغبوق

وتسلَّ عن كلِّ الأنام ... فليس فيهم من صديق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015