عقد سحر الجفون حلَّ اصطباري ... عن سلوِّى فلم أحل عن هواه
خان عهدي فواصلت عبراتي ... آه من هجره وطول جفاه
فدوائي لثم المراشف منه ... وشفائي فيما حوت شفتاه
[824]
محمد بن عبد اللطيف بن أبي الفتح بن أبي نصر، أبو عبد الله التبريزيُّ.
ويكتب في نسبته: "النثري ذو البيانين" لتعاطيه نوع المنثور دون المنظوم.
أخبرني أنه ولد بتبريز /191 أ/ سنة أربع وسبعين وخمسمائة. وشدا طرفًا من العلم في صباه، واعتنى بصناعة النثر، وتعاطي الكلام المسجوع والقرائن. وكان يتبع الكلمة بما وازنها ويلحقها بأختها، تشبهًا بطريقة وطواط الكاتب، فيما كان ينشئه؛ غير أنه يبين فيما يعمله تكلُّفٌ وركاكة؛ للزومه الأسلوب الذي يتوخاه، وله شعر بارد، وكان ذا هوس شديد في الطلسمات والنجوم.
نزل الموصل وسكنها مدة طويلة، وانضاف إلى خدمة بدر الدين لؤلؤ بن عبد الله، وأجرى عليه رزقًا، وصار أحد ندمائه وجلسائه؛ ثم فارق خدمته وسافر إلى بلاد الشام، ونزل حلب، وأقام بها مديدة، وعاد إلى الموصل، فمكث بها شهوراً، وتوفي في ربيع الأول سنة ثمان وعشرين وستمائة.
وكان رجلاً مفَّوهًا بالكلام، ذا فصاحة في لسانه، هدّاراً لسنًا، حسن المنطق، عذب الإيراد، يتشدق في إنشاده. وكان مليح الشكل، نظيف البَّزة، جميل الهيأة.
من شعره ما أنشدني لنفسه بالموصل، يمدح بدر الدين أبا الفضائل لؤلؤ بن عبد الله- صاحب الموصل-: [من الطويل]
نسيم الصَّباعج بالخيام رسولاً ... تجد عندها برد الحياة وسولا