صحب الفقراء، وخالط الصالحين، وتشاغل بالوعظ، وفتح عليه قبة؛ فكان يجلس في كل جمعة بجامع ابن المطلب، وتحضره الخلق الكثير، وحصل له قبول تام، واستمر بذلك، وصار معروفًا به، ووحظى عند الإمام الظاهر بأمر الله- رضي الله عنه- وأمره بالجلوس ببابب بدر وأنعم عليه بشيء وافر، وتحمل ظاهر ورتَّبه شيخًا بالرباط المجاور لعين ومعين بمشرعة الكرخ، ومقدمًا على من مرّ به.

ولمّا مرض المرضة التي توفي فيها- رضي الله عنه- وصَّى أن يغسله، فأحضر وشرف بمباشرة غسله؛ ثم أقرَّ في الأيام المستنصرية على الجلوس في باب بدر، وأجري عليه من البرّ المتقبل في رجب قدر وافر، يصل إليه في كل رجب.

وهو رجل خيَّر جيد الكلام، حسن العبارة، عذب الإيراد، حاضر الاستشهاد.

/179 ب/ وهو القائل في الإمام المستنصر بالله، يمدحه- رحمه الله: -

[من الوافر]

سبى عقلي سنى البرق التَّهامي ... وأجب عند عذَّالي التهامي

أضاء على فضاء الجزع وهنًا ... فخرَّق جيب جلباب الظَّلام

وأسهرني وأسعر نار شوقي ... وأجرى دمع عيني بابتسام

أيا حادي الرَّفاق دع المطايا ... تسير إلى العراق بلا زمام

فحادي الشَّوق قلبك قد حداها ... وهدَّاها إلى دار السَّلام

إلى حرم الخلافة زاد عّزًا ... فللَّاجي به كلًّ المقام

منادي جوده في كلَّ ناد ... ينادي أمَّموا ظلَّ الإمام

بنو العبَّاس في الدُّنيا شموسٌ ... مطالعها من البيت الحرام

بجدَّهم نغاث كما سقينا ... بجدَّهم شابيب الغمام

وللمستنصر المنصور مجدٌ ... عريقٌ ثابت الآساس سامي

تلفَّع بردة المختار فخرًا ... وأيَّد بالقضيب وبالحسام

ويسبق رأيه الرَّايات عزمًا ... ويقتل روعه قبل السَّهام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015