المغل الذي يحصل له من الخراج، اجتزنا بالهمامية، وكان ابن بشروية غائبًا عنها، لأشغال عرضت له من قبل الديوان العزيز، ولم يتفق للأمير الاجتماع به؛ فلما قدم ابن بشرويه من غيبته، أشعر بمقدم الأمير، فشق ذلك عليه، كيف لم يحظ بخدمته! ، فعند ذلك صنع رسالة وأعقبها أبياتاً، وأنفذها/ 162 ب/ إلى مخيمه المحروس مديحاً، يعتذر فيها من تأخره عن خدمته المولوية؛ وبعد ذلك انحدر إلى خدمته قاصداً زيارته، وقاضيًا حقه، وذلك في أوائل شعبان من السنة المذكورة، فاجتمعت به بالمخيم المحروس، وأنشدنا صدرًا متوفرًا من أشعاره، وعلقت عنه القصيدة التي امتدح بها الأمير- حرس الله مدته، وبلغه أمنيته- فأنعم عليه بجائزة سنية كعادته على الذين يردون عليه من أهل العلم والفضل.

أنشدنا إبن بشرويه، يمدح الأمير الكبير العالم العادل الفاضل ركن الدين أبا شجاع أحمد بن قرطايا- أدام الله إقباله وحرس جلاله بمحمد وآله أجمعين: -

[من الرجز]

أهلاً عديد الرَّمل من جلاجل ... ومن زرود وأكام عاقل

والمرو من سلمى ومن متالع ... ومن شمًام وهضاب حائل

بأحمد من قادم أمست به ... بشائري شافيةً بلابلي

ومرحبًا من بعد ما سهل به ... من ملك ندب ند حلاحل

مهذَّب الأخلاق ذي فضائل ... مصونة الأطراف بالفواضل

أغرَّ كالشَّمس سنى جبينه ... يجلود جى الحوادث النَّوازل

/163 أ/ ما انفكَّ حصنًا مانعًا لخائف ... ونجعًة لسائل وآمًل

وافى كساري المزن أضحى ناشرًا ... كل ما حل

تحفُّه صيد وغًى من يافث ... كأنجم حفَّت ببدر كامل

فاهتزَّت الأرض به مسرًّةً ... سرورهًا بالسُّحب الهواطل

وأنبتت من كلِّ زوجٍ ناضرٍ ... أضحت به بهيجة الخمائل

وفاح طيبًا كالخزامى تربها ... جاءت .... صبا الآصائل

وراح للبشر ينادي أهلها ... أهلاً بهذا الآريحيِّ الفاضل

أهلًا به من مستفيد خالد ... من خالص الجهد ببذل زائل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015