/146 أ/ نفسي الفداء لبيض خرَّد عرب ... لعبن بي عند لثم الرُّكن والحجر
ما تستدُّل إذا ما تهت خلفهم ... إلاَّ بريحهم من طيِّب الأثر
ولا دجى بي ليل ما به قمر ... إلاَّ ذكرتهم فصرت في القمر
وإنَّما حين أمشي في ركابهم ... فاللَّيل عندي مثل الشَّمس في البكر
غالزت من غزلي منهنَّ واحدًة ... حسناء ليس لها أخت من البشر
إن أسفرت عن محيَّاها أرتك سنًى ... مثل الغزالة إشراقًا بلا غر
الشَّمس غرَّتها واللَّيل طرَّتها ... شمس وليل معًا من أعجب الصُّور
فنحن في اللَّيل في ضوء النَّهار به ... ونحن في الظُّهر في ليل من الشَّعر
وقال وأنشدنيه: [من البسيط]
بين الحشا والعيون النُّجل حرب هوى ... والقلب من أجل ذاك الحرب في حرب
لمياء لعساء معسول مقبَّلها ... شهادة النَّحل ما تلقي من الضَّرب
ريَّا المخلخل ديجور على قمر ... في خدِّها شفق غصن على كثب
حسناء حالية ليست بغانية ... تفترُّ عن برد ظلم وعن شنب
تصدُّ جدًّا وتلهو بالهوى لعبًا ... والموت ما بين ذاك الجدِّ واللَّعب
ما عسعس اللَّيل إلاَّ جاء يعقبه ... تنفُّس الصُّبح معلومٌ من الحقب
/146 ب/ ولا تمرُّ على روض رياح صبًا ... يحوي على كاعبات خرَّد كعب
إلاَّ أمالت ونمَّت في تنسمها ... بما حملن من الأزهار والقضب
سألت ريح الصَّبا عنهم لتخبرني ... قالت: وما لك في الأخبار من أرب
في الأبرقين وفي برك الغماد وفي ... برك الغميم نزلت الحيَّ عن كثب
لا تستقلُّ بهم أرض فقلت لها ... أين المفر وخيل الشَّوق في الطَّلب
هيهات ليس لهم معنًى سوى خلدي ... فحيث كنت يكون البدر فارتقب
أليس مطلعها وهمي ومغربها ... قلبي فقد زال شؤم البان والغرب
ما للغراب نعيق في منازلنا ... وما له في نظام الشَّمل من ندب