أشدُّ المحبِّين اشتياقًا ووحشةً ... لمحببوه صبٌّ يبيت على وعد
يخاف اجتنابًا واضعًا عن تعمُّد ... وأصعب ما كان التَّجنُّب عن عمد
وقد كان يرجو قبل ذلك وصلة ... ويحب أنَّ الهجر ما كان عن قصد
فإن صدَّ بعد الوعد ظنَّ بأنَّه ... جفاه على علمٍ فمات من الوجد
وأنشدني؛ قال: أنشدني محمد بن يوسف لنفسه: [من مخلّع البسيط]
لا تهجعن تحظ بالأماني ... هجر الكرى حلية الجدود
واسع إلى الفضل غير وانٍ ... تقطع إذًا دابر الحسود
وأنشدني، قال: أنشدني محمد بن أبي محمد، قوله أبياتًا كتبها إلى الوزير صفي الدين عبد الله بن شكر معتذرًا ومتنصلًا: [من الطويل]
لعبدك من ضعف لمنقبع متى ... دعا أجبت وكان العفو عنه جوابا
/ 217 أ/ ويؤمنني حلمٌ وجود وقدرةٌ ... لمالك رقِّي إن خشيت عقابا
ولست وإن أذنبت أوَّل من جنى ... على نفسه ثمَّ استقال ونابا
وأنشدني، قال: أنشدني المذكور لنفسه، ما كتبه إلى الصفي محمد بن إسماعيل الكاتب المصري، سأله حسن المناب عنه، عند ابن شكر الوزير: [من الخفيف]
كن شفيعي عند الوزير فإنِّي ... واثقٌ إن شفعت لي بالقبول
أنت أهلٌ لكلِّ قولٍ جميلٍ ... وهو أهلٌ بكلِّ فعلٍ جميل
وأنشدني، قال: أنشدني أبو عبد الله لنفسه، ما كتبه إلى المبارز يوسف بن خطلخ- رحمه الله- وكان قد تكلم في حقّه عند الملك الظاهر بكلام حسن من غير أن يطلب منه ذلك: [من مجزوء الكامل]
أهنا العوارف ما أتى ... عفوًا بلا طلبٍ مهنَّا
والوجه موفور الحيا ... ء وقد تعجَّل ما تمنَّى
ما غاض منه ماؤه ... بل زاد إشراقًا وحسنا
لم يبغ فيه ولا تقلِّد للشفيع يدًا ومنَّا
/ 217 ب/ كيد المبارز أخجلت ... بسماحها بحرًا ومزنا
مطرت ولم يفتح لها ... للوعد بالإيماض جفنا