وخمسمائة. وتوفي يوم الجمعة السابع من جمادى الأولى من سنة اثنتين وعشرين وستمائة بحلب، ودفن بقابر باب الجنان.
قال: وسمعت الصاحب قاضي القضاة أبا المحاسن يوسف بن رافع بن تميم الأسدي الموصلي يثني عليه كثيرًا، ويقول: كان عين المجلس ووجهه، وله في صحبتنا هذه المدَّة، لم نطَّلع منه إلّا على الصحة والخير.
وأنشدني القاضي أبو القاسم- أيده الله تعالى- قال: أنشدني أبو عبد الله الوكيل من شعره، وذكر أنَّه كان له محبوبة تدعى عائشة، وبلغه أنها تعرضت لأسود:
[من السريع]
عشت زمانًا عيشتي عيشتي ... ما طرق البين لنا بينا
قالت: تسلايت احتقارًا بنا ... قلت تسلَّيت تسلَّينا
/ 214 ب/ لا تنكري سلوتنا هذه ... رمت تلافًا فتلافينا
ألجأك الدَّهر إلى أسودٍ ... يصرف عن عشاقك العينا
وأنشدني، قال: أنشدني لنفسه، وذكر أنَّه أنشدها قاضي القضاة أبا المحاسن يوسف بن رافع بن تميم، عند فراغ قراءة الملك الناصر صلاح الدين- رضي الله عنه- عليه جميعه: [من الكامل]
يا سيَّد الحكّام سيرة يوسف ... نظَّمتها كالعقد زين بدرِّه
وجمعت يا قاضي الممالك فضل من ... أرضى الإله بسرَّه وبجهره
ملكٌ قضى الله العزيز له بأن ... خضع الملوك لنهيه ولأمره
فسما بني سام وحام على بني ... حامٍ عقاب عقابه في نصره
قهر الألى قهر الألى وأعادهم ... حيَّ المعاد بأسرهم في أسره
أفديه لا نظمٌ يقوم بمدحه ... أبدًا ولا نثر يقوم بشكره
لو حاز في الشَّرع السُّجود لملحد ... سجد الملوك من البلاد لقبره
نشر الثُّغور فطيب نشر حديثه ... يبقى إلى يوم الحساب ونشره
/ 215 أ/ فتهنَّ يا قاضي الممالك أجر ما ... أوتيت من عمل تفوز بأجره
إن أصبح العلماء شهر صيامنا ... شرفًا فقد أصبحت ليلة قدره