فقلت لها إنِّي امرؤٌ ربع ماله ... غدا مقفرًا من ساكنيه مخرَّبا

/ 204 أ/ فقالت تزوَّد حسن ظنِّك واصطحب ... رجاءك واجعل صدق قصدك مركبا

إلى ملك لو لامست كفُّه الثَّرى ... لعاد الثَّرى باللَّمس في الحال مخصبا

إلى من له أضحت لنا مصر جنَّةً ... ومسكنها من جنَّة الخلد أطيبا

وأنشدني، قال: أنشني أيضًا لنفسه من أبيات فيه: [من الكامل]

يا عاذلي دع عنك عذل الواله ... فالعذل منك يزيد في بلباله

لو كنت شاهدت الَّذي هو مغرمٌ ... من أجله ما كنت من عذَّاله

رشا يحاكي الغصن في حركاته ... ويفوق نور البدر عند كماله

لم أنسه أشكو إليه تحصفًا ... ويدي لفرط الوجد في أذياله

ناديته يا من بسهم لحاظه ... قلبي أصاب ولم يجد بوصاله

وأذاقني كأس التَّفرق عامدًا ... وجنى عليَّ بمنع طيف خياله

رفقًا بمن أمرضته ببعاده ... واعطف على من لم تغب عن باله

واسأل عن الباكي عليك بأدمعٍ ... تحكي ندى من عمَّ فيض نواله

وأنشدني، قال: أنشدني لنفسه من أبيات: [من الكامل]

/ 204 ب/ ثمر المعالي لا ينال وإن دنا ... إلّا بأطراف الصَّوارم والقنا

وإلى رفيع المجد يومًا ما ارتقى ... في راحة إلَّا الَّذي اقتحم العنا

وعلى المراد من الرِّيادة ما احتوى ... إلا الَّذي أعطى صوارمه المنى

فانهض نهوض أخي اعتزامٍ صادقٍ ... ما قام يدعو الأمر إلَّا أذعنا

كصلاح دين الله والملك الَّذي ... يرجى ويخشى إن تباعد أو دنا

فيه لأيَّام الزَّمان محاسنٌ ... إذ جاء يدعى في الملوك المحسنا

كم من يد أسدى وكم من منَّة ... غطَّى بها فعل المسيء فأحسنا

كم وقفةً شهدت له وثباته ... وثباته فيها بمشهور الغنا

سل عنه ألسنة الرِّماح فإنَّهأ ... تنبيك عمَّا أودعته الألسنا

واستمل تملي المرهفات حديثه الـ ... ـمروي عن يوم الكفاح الأحسنا

ما بات إلاَّ مستجيشًا عزمه ... فتراه في سفرٍ إذا ما استوطنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015